عبد الرّحمن صدّيق... بصمات الصدّيقين لا تموت.
زايد خنيفس
ربما أكون أكثر المتأثرين برحيل المربي الحاج عبد الرحمن الصديق، ولا أضاهي زوجته الفاضلة وابنائه الفاضلين بعظيم تأثّرهم، وكل من ترك بصمة في القلب من الأحبة والأصدقاء، فبعد خروج أبي رامي إلى التقاعد، وهو في قمة عطائه، لأقدَس مشروع تبقّى لنا نحن الأقلية العربية، ألا وهو التربية والتعليم، توجّهت إليه طالبًا الانضمام إلى أحد المشاريع التي نعتز بها في المركز الثقافي البلدي، وهو موضوع الاستكمال، فكان صدره رحبًا كالصباح، وكبيرًا كالفجر وواسع كشروق الشمس.
لقد عملنا سوية، فقط قبل شهر أخذ يشعر بوجع برجله فكان جبارًا، ورَفَضَ التوجه للفحص الطبّي، لم أدرك من أين له هذا الجَلَد، حتى شعر بأن الوجع الدفين بجسده، يَحتاج لمن يشرف عليه، وهناك في الأعالي وفي عرشه السّامي، وهو الذي وهب لنا الحياة والروح، يستجيب لصلاة الحاج الذي ذهب مبكرًا بل ذهب في مواعيده للصلاة، وطرق أبواب مكّة والمدينة من أقواسها الواسعة، طالبًا لقاء النبي صلى الله عليه وسلّم. لبس المحرم الأبيض فحج إلى بيت الله، وهكذا جَمَعَ المربي بين عطاءٍ، وشمعة تحترق وتذوب من أجل الآخرين، وبين إيمان بقدرة الله ونبيه المصطفى.
كان المربي رائدًا في إقامة أول بيت شبيبة، ورائدا في إعادة من خسروا مقاعد الدراسة، وافتتاح أول مدرسةٍ للكبار في مدرسة المكتب، ومربي في مدرسة جبور جبور، وحمل راية التربية والتعليم فكيف لنا ان نتملص من مواقف الكبار، وأعمالهم وبصماتهم موجودة في كل مكان. هو عاشق الحياة وكلماتها المترجمة في الواقع المرير، رحل المربي في آذار، وعودة النرجس إلى التلال، وقدرة من الله في عودة المطر إلى الهضاب... هذه هي ذروة العطاء ولو كانت متأخرة، فما أجمل النوم الأزلي، وأنت تعشق الله، فلا تردد في الاشياء ولا يجف قلمك ايها المربي، فصوتك الهادر عالق كالندى في الصفوف والقاعات، ولا يُنهكك قرص الدواء فمن وراء الغيم مطر وبقاء.