للإرهاب في إسرائيل أب وأمّ شرعيّان! بقلم راضي كريني
2014-05-14 11:21:35
علاوة على احتلال الأرض والعمل والسوق والإنتاج، وعلاوة على فرض سياسة الإفقار وقمع الرأسمال العربيّ وتقييده بزيادة الأرباح الرأسماليّة الصهيونيّة، وعلاوة على ممارسة سياسة التجهيل والتجاهل والإنكار والعزل والإبعاد عن دوائر التخطيط والقرار، وعلاوة على نشر روح العدميّة القوميّة والسيطرة على المقدّرات والخيرات والاستثمارات والطرد والتهجير والقتل و... علاوة على كلّ هذا، سنّت الكنيست/السلطة التشريعيّة (البرلمان الإسرائيليّ) العديد من القوانين العنصريّة ضدّ الأقليّة العربيّة الفلسطينيّة، منذ قيام الدولة حتّى اليوم: مِن قانون العودة والمواطنة حتّى قانون الإعفاء من دفع ضريبة المبيعات/المضافة على شراء المنزل، واقتراح قانون يهوديّة الدولة.
 لذلك من الطبيعيّ أن تنشأ وتنمو في أوساط الغالبيّة اليهوديّة في إسرائيل عصابات إرهابيّة، كمنظّمة "تدفيع الثمن"، التي تمارس الإرهاب ضدّ العرب، تحت أعين وبصر أجهزة النظام الرسميّة، العامّة والخاصّة، وبتشجيع وتأييد من قيادات سياسيّة تمثيليّة، وبسكوت وبتجاهل من الأغلبيّة اليهوديّة!
ينقسم مؤيّدو الإرهاب من الأحزاب اليمينيّة في إسرائيل (وهم غالبيّة المصوّتين) إلى قسمين:
 الأوّل، ينكر (عن وعي أو بدونه) أو يتجاهل هذه الأعمال الإرهابيّة، وفي أحسن الأحوال يستخفّ بها وبتأثيرها. 
والثاني، يبرّرها ويصادق عليها، ويحمّل المسؤوليّة للضحيّة/للعرب، وفي أحسن الأحوال يفلسف الأمور ويعزوها للوضع الأمنيّ!
 مِن الطبيعيّ أن تطوّر الأغلبيّة اليهوديّة مثل هذه الأجهزة الدفاعيّة "المنطقيّة" لتحصّن وعيها وإدراكها الحسّيّ، ولتحمي فلسفة حياتها، ولتكبت مشاعرها الإنسانيّة، ولتمنع ضميرها العامّ من الصحوة، ومن الانتقال إلى المطالبة بتغيير سياسة التمييز العنصريّ الرسميّة والشعبيّة الممارسة ضدّ العرب، والآخذة بالتوسّع والتثبّت أفقيّا وعموديّا، والمهدّدة للمجتمع الإسرائيليّ ككلّ!
تعمل قيادات أحزاب المركز واليمين والدين السياسيّ الإسرائيليّة، وهي الأكثريّة في البرلمان، وتتصرّف وفق مبدأ العصابات؛ فنراها تفضّل اليهودي الإرهابيّ، ابن عصابتي، على العربيّ "الجيّد"، وتمجّد النظام ولا تلومه على تشريعاته وممارساته إذا كانت ضدّ العرب، ويجنّ جنونها إذا ما حاول القضاء الإسرائيليّ النيل أو الاقتراب من أفراد عصابتها من المستوطنين وغيرهم؛ فمثل هذه القيادات ليست أعشابًا ضارة؛ فهي تشغل غالبيّة الوظائف السلطويّة؛ وهي ليست غريبة عن مصوّتيها المسكونين بالآراء السلبيّة المسبقة تجاه العرب، وبنزعة التفوّق العرقيّ!
أعتقد أنّ آفة منظّمة "تدفيع الثمن" ودعاة الاستيطان والاحتلال و... الفاشيّة ليست حالة استثنائيّة وفوق طبيعيّة؛ إنّما هي نتيجة/مشكلة بنيويّة ومؤسّساتيّة، ولدت من رحم المؤسّسة الحاكمة، وترعرعت في شوارع وأزقّة الدولة المبنيّة على تخليد نظام التفرقة العنصريّة والاضطهاد وتبريرهما وتطبيعهما!
أمام هذا الخطر الداهم، لا يشكّل اعتراف اليسار الصهيونيّ بوجود الظاهرة/المشكلة ولا تحليله الأكّاديميّ لها حلاّ كافيا وإعفاءً له، كما لا يشكّل الادّعاء بأنّ الأجهزة الأمنيّة قادرة على ضبتها وإنهائها ولكنّها لا تريد (كما صرّح كرمي جيلون، رئيس الشاباك السابق) تصدّيا "ثوريّا" لها؛ يخطئ اليسار الصهيونيّ التصرّف والتقدير، كما ارتكب الخطيئة في الماضي، عندما أيّد وشجّع حروب إسرائيل العدوانيّة، وبنى المستوطنات، داخل وخارج الخطّ الأخضر، و... واستمتع ويستمتع بحصّته الناتجة عن تقاسم "أرباح" التمييز العنصريّ؛ وعمل ويعمل على منع العربيّ من السكن على أرضه في الكيبوتسات.
 لذا، إن أراد اليسار الصهيونيّ أن يسهم في التخلّص من الظاهرة، عليه أن يكفّ عن منافسة اليمين في ملعبه، وعن لوم الضحيّة، وأن لا يختزل "نضاله" على الحجج والأبحاث الأكّاديميّة؛ نطالبه ونتمنّى عليه أن ينزل إلى الشارع ويتصدّى ... وأن يضع يده بيد اليسار الديمقراطيّ لتشكيل قوّة يهوديّة عربيّة ديمقراطيّة قادرة على تغيير بنية الدولة وسلطاتها ووجهتها!
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق