الهاتف.. أدب وذوق!! حسين الشاعر – شفاعمرو
2014-05-14 20:30:53
في مستهل مقالي هذا، اتوجه اليك عزيزي القارئ واسألك ان تتوقف، وتعود بذاكرتك سنوات عديدة الى الوراء، سنوات الثمانينات وما دون، عندما كنت بحاجة لتعيين دور في صندوق المرضى، أو عندما كنت طالبا تريد ان تتواصل وتتحدث مع اهلك، او مع أقاربك.. ففي تلك الحقبة كانت وسائل الاتصال شبه معدومة، وحتى على صعيد الهاتف في البيوت فقد كانت نادرة الا عند القليل من الناس.. وشخصياً اتذكر أن هاتفاً واحدا كان في حيّنا عند العم ابو حسني الزيود - رحمه الله - وكان بيته مفتوحا لجميع بيوت الحي، واتذكر هاتفه باللون الأسود وأرقامه الكبيرة ورنينه المميز..
بالصدفة وبدون تخطيط مسبق، طال الحديث خلال الأيام الماضية في مناسبات عديدة وبين الزملاء حول الاتصال ووسائله ومقارنته في الماضي والحاضر، ففي الماضي كنا نتصل ونستعمل الهاتف للأمور الضرورية والهامة والملحة.. وكان حاجة وضرورة اجتماعية، واليوم انتقلنا الى زمن الاتصالات الخيالية والهواتف النقالة، وعالم الانترنت الواسع، والامكانات اللامحدودة.. ولكنه اضافة الى الحاجة اليه اصبح من المزعج استعماله اليوم وذلك لما يرافقه من الاخلال بالآداب والذوق!!
مع مرور الوقت  تطورت الهواتف ووسائل الاتصال، وأصبح في كل بيت ومؤسسة هاتف، حتى وصول الهواتف النقالة بأحجامها والوانها، أصبحت بمتناول الصغير قبل الكبير مع الأبن حتى قبل الأب والأم..
لا انكر ان الهاتف من نعم الله علينا، ومميزاته اكثر من أن تحصى، واليوم هو أسهل وأسرع وسيلة للتواصل مع القريب ومع من تحب في أي مكان في العالم حتى وأنت مستلق في البيت في غير تعب او عناء..
كما لا انكر أن الهاتف أصبح جزءاً فعالا في حياتنا ننهي مصالحنا ونوفر الوقت ولكن بالرغم من عملية الاتصال والتواصل إلا ان هنالك عناصر سلبية قد لا تصل الرسالة نظراً لغياب تحركات او مدلولات الجسد، بالإضافة الى الكثير من الأحيان يفهم الكلام بالشكل الخاطئ.
الأسبوع الماضي شهدت مدينة شفاعمرو مناسبات عديدة منها الحزينة واخرى  السعيدة، ولكن ما ازعجني هو رنين الهواتف التي يخرج النغمات المختلفة والتي لا يراعي صاحبه اذا كان في قاعات المآتم، او في الصلاة.. كما ويزعجني اولئك الذين يتحدثون بصوت عال ويطرحون قضاياهم ويفصحون ويكشفون عن خصوصياتهم امام العشرات وهم لا يدرون!!، ويزعجني كذلك الشخص الذي يبدأ كلامه مباشرة بغضب دون طرح السلام، والأنكى من ذلك دون يعرّف على نفسه اولاً..
لا اريد ان اتطرق الى هؤلاء الذين يستحوذهم ويسيطر عليهم الفيسبوك وألعاب الانترنت في وقت المناسبات، وللأسف حتى الزيارات تبدأ وتنتهي وهو لم يرفع عينيه عن هاتفه يرسل الرسائل النصية او يقرأها او يتصفح الفيسبوك..!، أي زيارة تسمى هذه؟ وأي صلة رحم هذه التي أصبح فيها الهاتف صلة البعد والجفاء والاستغناء عن اللقاء بين الأقارب والأصدقاء..؟!
هذا واقعنا وليس من الخيال، وقد يحتاج الى بحث مستفيض لكي لا نضيع انفسنا في تطور يبعدنا عن التواصل الحقيقي. وأكرر لا غنى عن الهاتف ولكن لا بد لنا من أدب وذوق في استعماله..
إبدأ مكالمتك بالسلام والتحية وأنهها كذلك بالسلام، لأن الميزة في طرح السلام انها تهدئ المتلقي، ومن الممكن ان يكون في ساعة غضب وانت لا تعرف حالته المزاجية وربما يكون مهموماً او مشغولاً.. ثم عرف عن نفسك، ولا تطل بالمكالمة، وحاول ان تعود لمن اتصل بك حتى لا يظن إنك مستهتر به، وانتبه للوقت فلا تتصل بوقت غير مناسب، ولا تنس إغلاق هاتفك وقت المناسبات والاجتماعات وداخل المسجد.
عزيزي القارئ.. تذكر ان نغمة الهاتف وردك تدل على شخصيتك، وهنالك إشارات عديدة ينبغي ان نتذوقها لأن استعمال الهاتف ذوق.. بالطبع هذا الحديث ليس ملزما لكل الناس، فهناك من يحسن استعمال الهاتف فكن انت نموذجاً وصاحب ذوق..

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق