عَوْسج وبَنَفسج (12) ** د.منيرموسى/ أبوسنان
2015-01-13 18:47:06
 
{كلَّ عام وعيد ونحن نحبّ بعضنا بلا رياء ومغالاة ؛                 وكلُّ واحد منّا يعرف الحقّ الّذي هضمه، ويرجعه إلى أصحابه،                هذا إذا تنازل عن كبريائه وأنانيّته}
 
                                            
 
** قدّام برده مَن يقف؟ لعلّ العاصفة {هدى} تهدينا إلى التّكاتف والتّعاضد؛ لنقدر أنْ نهدّئ من رُوعها ونلاطفها؛ كي تملأ جرارنا، مناشلنا وأباريقنا ماء، نستقي منها عند لفحات الهواجر!
 
** ولعلّ العاصفة {زينة} تزيّن جوارنا، وبيوتنا بالورود والرّياحين؛ وذلك بعد أنْ يسقيها الوابل، وتطلع عليها الجَوْناء، وتدفّئها بخيوطها العسجديّة!
 
** ألا تتمّ أعيادكم إلّا بتلويث الجوّ، وبهتون دمعات السّديم؟ كم مليونِ طفل بكى، وهو في عزّ أحلامه الورديّة غير واعٍ لما يدور حوله، حينما كنتم تطلقون المفرقعات إلى عَنان السّماء ضاحكين خائفين من نتائجها مفرّغين جيوبكم من مصاريف الأعياد ضاربين عرض الحائط في أفراحكم المصطنعة غير حاسبين ما هو مصير  بيئاتكم يا شُطّار! ألا يفشخ الحائطُ؟ الأعياد، وصاحبها براء مما تفعلون، ومما تعمهون به من ضلال مُبين!
 
** تبرّعوا لأبناء شعبكم المشرّدين، والّذين بالكاد يأكلون وقعة واحدة في اليوم، والبرد القارس يَسيمُهم مُرّ العذاب! وذلك بدل من أن تصرفوها في القاعات الجوفاء من الحبور، والسّالبة أموالكم وألْبابكم! هل دخلت قلوبكم غِنوة واحدة؟ وكيف ذلك، وهي نابعة من منابعَ اصطناعيّةٍ، لا طعم لمائها ولا ذوق؟ تمثيل، واستراق نظرات، فيها تمويه، صياح، عربدة وتقاسم الغنائم!
 
** عندما تملأ قدَح الشّراب بالخَندريس، وتشعشعها بالعاثق المعتّقة، وتزيد عليها المِصطار، فيعلوها القَمحان ممتزجًا معَ الحَباب، فلا ترجع إلى بيتك بعد الهيصة الّتي غصّت بالممثّلين أصحاب الكيف، والكاس والطّاس سائقًا سيّارتك الفارهة؛ لأن الشَّمول أخذت منك كلّ مأخذ، واستهزأت بك، وسلبتك الحياة! فقد تستملح بأقرب  عمود كهرباء؛ فتسبّب تخييم  الظّلام في الأحياء السّاجية، فهل يرحم أهلَه البرْدُ؟
 
** إذا انتظرت حتّى يأتي المعايدون إليك مهنّئين بالعيد، وبعدها تردّ تلك الزّيارة المعايدة، على ألّا تكون جميلًا ، سوف لا تعايد أحدًا! وهذا هو حالنا اليوم. فهل للكبرياء أنْ تحدّد علاقاتنا؟
 
** الأطفال يفرحون بالأمطار، وبالرّجوع من المدرسة تحتها، ويلعبون على الثّلوج، أمّا الباقون، فليس لديهم الوقت لِلِالْتفات إلى الطبيعة حولهم، فالسّيّارات تعمي قلوب الجميع! ديروا بالكم! إذا لم تطيّر الحكومات السّيّارات القديمة من الشّوارع، وتمنع شراء الجديدة، ستجلسون في بيوتكم، ومن فنجان قهوة إلى آخر، هذا إذا توفّر!
 
** قال أحدهم، ممن يحبّون سرد القصص بعد الرحلات المتكلّفة المصطنعة في عزّ الزّمهرير، حيث لايستطيع أنْ يخرج من الفندق مكرّزًا، ولا يقدر الخُلد في برّيته أن يخرج من جُحره تحت سطح الأرض؛ كي يصطاد بعض الدّيدان والحشرات! وهو من محبّي المبارزات البرجوازيّة: "أنتم تعشّيتم بالأمس في عمّان على أنغام مقاولي المصاري؟ لكنْ،  نحن في ليلة العيد سبحنا في البحر الأسوَد في درجة حرارة تحت الصّفر، ويا ستّار، يا ليتكم كنتم معنا! وعدنا تَوًّا؛ كي نلحق حفلات العيد، ونفرّغ الجزادين؛ كي تتهوّى! نحن ننام اللّيل الطويل، وصاحب الدّيْن يصطفل، فتلك مشكلته، فليسهرْ، وليشرب ما شاء! 
 
** ماذا تبقّى من شجرة عيد الميلاد، عندما تخرج من مصانع الحديد؛ وتُستعمل الرّافعات الثّقيلة، وسيّارات الشّحن الكبيرة لنقلها؟ هذا، ناهيك عن الصّور النّازلة في المواقع، والّتي جعلتنا نفكّر، هل الكلام عن العيد أم عن التّصنيع؟  ما هو الأفضل، السّيّارة الحقيقيّة، أم السّيّارة الدُّمية؟ خسارة على الأموال الّتي صُرفت بدلًا من إرسالها لأبناء شعبكم الّذين يعانون من التّشريد، والجوع والمَهانة! مَن يهمّه ما هي أكبر شجرة ميلاد أضيئت، وكم من الآلاف المؤلّفة المضلّلة حضرت، والغالبيّة منها طقسيّون، وفي عداوات سياسيّة، عائليّة، فرديّة، جيرانيّة وأخويّة دائمة! وعندما قال لهم يسوع: "انا هو الطّريق والحقّ والحياة، أنا هو نور العالم، وكلّ من يتبعني لا يمشي في الظّلمة" رفضوا ذلك الطّريق  والنّور، وكلّ مَن سار فيه؛ لأنّ الظلمة أعمت عيونهم! لا تنغرّوا في الفترينات، العروض، الطّبول، الزّمور وألوان الثّياب! فَ "مَن يرتفع يتّضع، ومّن يتّضع يرتفع!"
 
** أنت تسافر في السّقعة، والصّقيع الشّتويّ الكانونيّ يقصّ المِسمار، وثلاثة أرباعك ثمِل، وتتوه في الطّرقات كي تستمع إلى أصوات اصطناعيّة، لا دخل لها في الفنّ، ولا يحزنون، هذا إذا لم تعُد الطّوشة على نفسها، وتُسحب المسدسات، وتُقلب الطّاولات، وماذا مع القناني؟ تذكّروا! لكنْ، أولئك لا يعرفون العيد، ولا يعرفهم!
 
**  شجرة عيد الميلاد الطّبيعيّة دائمة الخضرة، سروة، أو من فصيلة  السّرو، واللّون الأخضر رمز للحياة والبقاء! إنّها تسوى كلّ الأشجار الّتي ركضتم لصنعها وتحضيرها، هذا، غير التّكاليف الباهظة، وغير الأسماء الّتي حلّقت في أجواء السّماء ، مع أنّ لدى أصحابها مجالات عديدة كي يُبرزوا أسماءهم!
 
** هلِ التّكحُّل في العينين كالكَحَل؟ وهلِ جمال الكَحلاء كالمكحّلة؟
 
** نهيب بالوزارات المختصّة أن تمنع استيراد جميع انواع الألعاب النّاريّة والمفرقعات، ومصادرتها من الأسواق، وذلك لخطورتها ولتلويثها مناسباتنا، وحياتنا الّتي لا ينقصها ما يلوّثها! فاتركوا الأجواء للعصافير، تلهو في سماء الطّيور!
 
** أنتم عيّدتم، وعايدتم، فهل فحصتم أنفسكم، إذا كانت بناتكم وأخواتكم لا زلْن يعاملْن كالإماء، والجواري في أغلب مجالات الحياة؟ كيف ذلك، أيّها الوطنيّ الّذي تريد أنْ تدافع عن حقوق شعبك، وتعتبر نفسك قياديّا في المجتمع! وأقرب المقربين لك قد أكلتَ حقوقهم؟ على مَن، ومع مَن تضحك وتتضاحك، يا محبًّا لحياة  طيور النَّعام؟ الأم، البنت  والأخت لهنّ كلّ ما في الدّنيا، مثل جميع الذّكور، وأكثر بكثير في هذا المجتمع الّذي لا يخجل على نفسه، عندما يهمّش الأنثى، وهي أساس الحياة وكلّها! فلولاهنّ ماذا يكون مصيرك أنت، ومصير البشريّة جمعاء؟ نم لوحدك، وعش وحْدًا، فالدّمار والانقراض  والعويل تكون مصيرك، ومصير كلّ المجتمعات الذّكوريّة  البدائيّة الّتي لا تريد ان تتعلّم ممَّن هم حضاريّون مِن حولها! فالأم، الابنة، الأخت والزّوجة لهنّ كلّ الدّنيا، ولا حياة على الأرض بدونهنّ! لكنّ الله العليّ القدير منصف للفقراء، المضطهدين والمظلومين، وليس لحكمته استقصاء! فكن إنسانًا في بيتك، في عائلتك وفي بيئتك أوّلًا، وبعد ذلك تقدر ان تقود مجتمعك، فلا، وأنت عبد، فتحرّرْ!  
**                    
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق