أحمد سعد واختراق الجمهور اليهوديّ بقلم راضي كرينّي
2015-04-15 09:19:01
في 19-4-2010 غادرَنا أحمد سعد، الذي كان يشغل رئيس تحرير صحيفة "الاتحاد"، والناطق الرسميّ باسم الحزب الشيوعيّ الإسرائيليّ و... وأبقى لنا غديرا صافيا من الذكريات الطيّبة، نسبح فيه، ونشرب من مائه الزلال، ونروي أرضنا وغرساتنا من روافده.
طالما تساءلنا في اجتماعاتنا مع أحمد سعد عن دور الأقليّة القوميّة العربيّة الفلسطينيّة في إسرائيل. وكنّا على قناعة بأنّ دولة إسرائيل شاذّة عن غالبيّة الدول المتعدّدة القوميّات. كنّا نلاحظ أنّ الأكثريّة في كلّ الدول لا تعتبر الأقليّة ولا تتعامل معها على أنّها خطر يتهدّد مستقبل الدولة إلاّ في إسرائيل، كما كنّا نلاحظ أنّ السياسة الرسميّة المتّبعة في كافّة الدول تعمل على تضييق الفجوة الاقتصاديّة والاجتماعيّة (والسياسيّة إن وُجدت) بين الأكثريّة والأقليّة القوميّة إلاّ في إسرائيل؛ فالسياسة الرسميّة المتّبعة والمعلنة في إسرائيل هي سياسة عنصريّة، ومنحازة للأغلبيّة، وتعمل على توسيع الفجوات السياسيّة والاقتصاديّة والديمقراطيّة (ديمقراطيّة وقوانين لليهود وأخرى للعرب) بين القوميتين/ الأكثريّة والأقليّة، لم تكن التصريحات العنصريّة لرئيس الحكومة بيبي التي أطلقها إبان الانتخابات البرلمانيّة الأخيرة شاذّة عن سياسة الأكثريّة اليهوديّة؛ وهي حقيقة تخاف من تدفّق العرب على صناديق الاقتراع و... هناك جملة من استطلاعات الرأي التي تبرهن على عداء وكراهية الأكثريّة اليهوديّة للأقليّة العربيّة ورغبتها في إبعادها وطردها وسلخها عن وطنها وأراضيها و....
لم تتوقف السياسة الإسرائيليّة الرسميّة على التنكّر لحقوق الأقليّة، وعلى توسيع الفجوة الديموغرافيّة بين شعبَي البلاد؛ بل تمادت وعمّقت الخلافات السياديّة وأخلّت بالاتزان الجيوسياسيّ في المنطقة، وفي ذات الوقت حوّلت الداخل الإسرائيليّ إلى مقاطعات قوميّة وإداريّة متباينة، تتقاطع في نقاط حيث مصالح الأكثريّة، كما حوّلت الدولة إلى سجن غريب في المنطقة محاط بالأسوار والحواجز المنيعة!
كان ردّ الجماهير العربيّة الكفاحيّ (القوميّ والمدنيّ) على سياسة التمييز العنصريّ والاضطهاد القوميّ ضروريّا ومبرمجا وأحيانا عفويّا، لكنّه لم يكن كافيًا لردع السياسة الرسميّة العدوانيّة والعنصريّة التي تؤول نحو الفاشيّة، لم نستطع إيقاف السياسة العدوانيّة عند حدّها، ولا إسقاطها و...
اليوم، بعد نجاح الوحدة وتشكيل القائمة المشتركة ونجاحها و... علينا أن ندرك بأنّ تطوّر الأقليّة العربيّة ومستوى معيشتها لا يتوقّفان عند أبواب الأكثريّة؛ فبإمكان القائمة المشتركة أن تقدّم سياسة يهوديّة عربيّة مشتركة بديلة، وأن تقود الجماهير العربيّة وفقراء اليهود (كافة المضطهدين) إلى التمدّن والحضارة والتطوّر العالمي، ومن الضروري أن نستعين بالمعاهدات والمواثيق الدوليّة (الملتزمة بها إسرائيل) والمنظّمات الدوليّة التي نشأت بعد الحرب العالميّة الثانيّة للدفاع عن حقوق الإنسان؛ كي نلزم السلطات الإسرائيليّة بأن تخفّف من وطأة استغلالها الطبقيّ، وباحترام حقوق الأقليّة القوميّة والمدنيّة، كما تحترم سلطات الكثير من الدول الأقليّات اليهوديّة المتواجدة فيها على الأقل.
أمام القائمة المشتركة تحدّ هامّ وتاريخيّ، وهو النجاح في اختراق الجمهور اليهوديّ، من خلال الربط بين السلام والعدالة الاجتماعيّة والمساواة والمخاطر البيئيّة و... والفقر والبطالة وغلاء المعيشة و...؛ كي لا نترك رفاقنا اليهود وحدهم يسبحون ضدّ التيّار الذي عمل أحمد سعد ورفاقه على تغيير مجراه!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير