علم النفس الافتراضي والتقوقع العربي بقلم الشاعرة ايلين مارون
2015-07-05 22:28:58
علم النفس الافتراضي والتقوقع العربي
تسلبنا شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي حتى جعلت من البشر آلات مبرمجة في العالم الرقمي وبات الإبحار بالمعلومات الصحيحة والغير صحيحة امر متاح لدى الجميع, فقدنا لذة اللقاء وتناسينا قهوة الصباح وكوب الشاي الذي يجعل من اللمة سعادة تجمع بارتشافها دفئ المكان. يبحث علم النفس الافتراضي بفهم سلوك الفرد في واقعه مع ذاته وسلوكه في العالم الافتراضي مع الغير من خلال شبكة الانترنت, لكل فرد منا عاداته تلك التي تعلمها وتربى على اسسها منذ الصغر, عادات قد نمت مع نموه واساليب أتقن التحكم بها عبر مدرسة الحياة والواقع الذي يدور حول الشخص نفسه, فترة معينة في حياة كل فرد تجعله يبدأ بخوض العالم الرقمي وتنفضه من عادات كثيرة قد تعب الاهل عليها لتترسخ في ذهن الطفل وخاصة الطفل العربي. نربى اطفالنا على عادات ومفاهيم شرقية وهي اجمل ما نتحلى بها عن المجتمع الغربي والتي ما زالت تضبطنا ولو قليلا وتميزنا بحسن الاخلاق والتربية والايمان. نعلم الطفل الاحرف الابجدية العربية لاعوام ونحافظ على جمال الخط العربي حتى يغدو المراهق متمسكا بعالمه الافتراضي بحروف اجنبية ترمز لابجديتنا فيملك مهارة استخدام لوحة المفاتيح والسرعة في الطباعة باللغة الانجليزية, وهذا ما يواجهه علم النفس من صعوبة لدراسة السلوك البشري وذلك نتيجة للمتغيرات التي تحدث وفق خوض عالم الانترنت, فالمراهق بات يتأثر من كل كلمة او اغنية او فيلم يشاهده من خلال هذه الشبكة فيغدو الانترنت ورما سرطانيا ينهش في سلوكياته وعاداته الاخلاقية التي تربى عليها وبالنهاية يقع بالوباء الفتاك والتقوقع بشاشة حاسوب او هاتف نقال يختصر به كل الواقع, هنا تكمن المشكلة. فالولد المسكين يبني له عالم افتراضي بمواقع التواصل الاجتماعي ويتدعي عكس ما هو, يقرر ويؤسس من يكون حتى انه يملك الحرية بتغيير اسمه فيبعد عن الواقع الذي يعيش فيه مع الاهل والاقرباء ومن خلال حياته اليومية, متاهات كثيرة تسلب المراهقين فتجعلم يتبعون الخطيئة منها المواقع الاباحية التي يتسللون اليها لفهم اجسادهم اكثر والاتطلاع على الجنس والعلاقات الحميمة دون الادراك بخطورة ما يقومون به من توعية خاطئة وفهم خاطئ للامور فيتجولون بهذه المواقع ويدعون الاصدقاء والاشد خطورة انهم يجربونها ايضا. نتيجة مؤسفة تترسخ باذهانهم انهم على حق ويصبح الاهل محط انظار للسخرية والجهل وعدم الادراك بما يحدث في العالم الخارجي فتكون الفجوة بينهم وبين الابناء كبيرة لدرجة انه من الصعب الدخول للعالم الافتراضي للولد, المشاكل النفسية التي تحدث لهذا الولد التي تسبب له نوع من الانفصام فهو يعيش بحالتين الواقعية والافتراضية الرقمية ويتعامل مع عادات مختلفة مضادة الواحدة للاخرى ويملك هوية واقعية وهوية اخرى نمت على اسس كاذبة عدا عن الانطواء والاكتئاب ومشاكل نفسية اخرى تظهر بهذه الحالات. يبقى مجتمعنا الشرقي مجتمع راقٍ محافظ متمسك بعادات تعود بالايجاب وحماية الفرد من الكوارث الاجتماعية والامراض النفسية والجنسية التي يعاني منها العالم اجمع. ما يدفعنا للغضب والغيرة على مجتمعنا هو ما يحصل في الاونة الاخيرة من افلام اباحية تتناقل من هاتف لهاتف وتسجيلات صوتية لشتائم مراهقين ونميمة من لسان للسان عن شرف بناتنا واولادنا وتطبيق الافلام الاجنبية على ارض الواقع من اباحة ونفور واشمئزاز, فلندخل الى عالم اطفالنا ونتمسك بهم حتى الرمق الاخير ونحذف من قاموسنا كلمة "عيب" فهذه الكلمة هي المحفز الاكبر للتقوقع بشاشة يتطلعون من خلالها بالابحار في فهمها والبحث عنها, لننقذ اولادنا من هذا الوباء الفتاك الموجود داخل كل بيت ونجعله لاستخدام آمن ومصدر موثوق مراقب من قبلنا وذلك لضمان مستقبل افضل واكثر صحة واطمئنان.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير