الكَيْلُ بصاعين:اتّفاق "فيَنّا" خُطوَةٌ خطيرة على طريق الدّمار... بقلم:شريف صعب-أبوسنان
2015-07-20 18:36:52
الكَيْلُ بصاعين:اتّفاق "فيَنّا" خُطوَةٌ خطيرة على طريق الدّ مار...
بقلم:شريف صعب-أبوسنان
سنواتٌ طويلة صرف الدّبّ الأمريكيّ ومن يلتفّ وراءه من دولِ الغرب الأوروبيّة وهو يتفاوض مع"الثعلب" الفارسيّ،الّذي تميّزَ بهداوة البال وبالتّأنّي الملحوظ وبالإبتسامة والمراوغة المعهودة! سنواتٌ طويلة،سرًّا...وجهرًا حاولت الدّولُ المتحضرة أن تمنع المسيرة وإجبار هذا الثعلب،الّذي يبدو هزيلًا، مُعانيًا من حُكمِ عقوباتٍ مُشدّدة،لم يسبق له نظير، وقد صبر على الضَيم..ولم ينصاع للشَرَك! لقد صبر وقَدَر، وراوغ وتمسكن وتظاهر بالضعف وبالخنوع..حتّى تمكّنَ...بعد أن اكتشف نقاطَ الضعف عند أنداده الغربيين وعلى رأسهم"كيري"،الّذين أبدوا استماتةً من أجل التّوصّل إلى اتّفاقٍ.لقد استحوذت هذه المفاوضات أشواطًا طويلةً وعانت من كثيرٍ من الصّعود والهبوط ولم تكن بسهلةٍ!
دول الغرب بقيادة أمريكا لم توفّر جهدًا في سبيل الوصول إلى اتّفاق،من خلال تبسيط العقَبات وتذليلها...لتخفيف العقوبات "الصارمة" عن كاهل الشعب الإيرانيّ...وأحيانًا "بلع الضّفادعِ" كي لا تصل في نهاية المطاف إلى استعمال القوّة الّتي لا تجلب إلّا الدّ مار والخرابَ...وحرق الدّولار، وربّما،أيضًا،...من دافع الشّماتة ببنيامين نتنياهو، المُهَوّلِ الأكبر!
إنّ خسائر أيّ حربٍ من المُمكن أن تصلَ إلى آلاف آلاف أضعاف الخسائر الّتي،رُبّما، تسبّبها المفاوضات السّلميّة...مهما يطول أمَدُها، وقد قالها"أوباما" بوضوح بعد التّوقيع:إنّ التّحاربَ بالكلام أسهل بكثير من التحارب بالصّواريخ والقذائف وإحداث الدّمار!
صدق أوباما رجل العقل والتّروّي، خصوصًا أنّه لم يهتزُّ له رُمشٌ من التّهويل والعويل ومحاولات التّضليل الّتي صدرت عن "الفزّاعة"، نتنياهو، المُخَوّفِ الوطنيّ، في السّنوات الأخيرة!!
لم ينجح نتنياهو في إقناع العالم بالتّورّط في حربٍ مع إيران إيران،كما نجح في حينه "شمير" والقادة الإسرائيليين...وشُركائهم بتجنيد العالم في حرب ضدّ صدّام-العراق والّتي لم تنتهِ حتّى أيامنا هذه، لا في العراق، لا بل في العالم العربي كلّهُ.
كلّ الإحترام لك يا أوباما...ولكنّك،في الحقيقة،فشلت في وقف المشروع الإيرانيّ،حتّى ولو أخّرته إلى حين.فالثّعلب الإيرانيّ مُستمرٌّ بمشاريعه الذّريّة والنّوَويّة ،تحت الأُنوف...ورغمًا عنها، شاء من شاء وأبى من أبى...وها هي المليارات قد بدأت بالهرولة إلى الخزانة الإيرانيّة!
إنّ معادلة المنطق في شرقنا العزيز بسيطة جدًّا وهي تقول:ما دامت أزمة الشّرق الأوسط عالقة، ما دامت الأخطار محد قة بشرقنا هذا وربّما بالسّلم العالميّ...وما دامت إسرائيل غير مهتمّة بحلّ القضيّة فسيزداد الخطر وسنبقى مُهَدَّدين..."بإذن الّله"،ومع كلّ ذلك فستزداد أيضًا العنصريّة والكراهيّة.
عندها لا يحقّ لنا أن نبكي على الحليب الّذي سوف ينسكبُ وسيكون...ذنبُنا على جنب قياداتنا.
وعودة إلى الإتّفاقيّة في"فيَنّا" الّتي أكثر ما تبشّره هو تأجيل الأزمة وتأكيد التّصادم الّذي سيأتي...بالتّأكيد، مستقبلًا، وذلك لماذا؟ لأنّه ما دام عدمُ الرضوخ للحقّ باقٍ، وما دام القيّمون على الصّراع مؤمنون أنّ القوّة هي الكفيلة الكبرى للأمان فستبقى الأزمة على حالها...وذلك خطأٌ فادح!!
إنّ منع الخطر الإيرانيّ والإسلاميّ المُتطرّف...والدّاعشيّ لا يتمّ إلّا عن طريق حلّ أزمة الشّرق الأوسط وإقامة السّلام مع أبناء"العمومة"،الفلسطينيين..ومع العالم العربيّ قاطبةً...ذلك هو صمّام الأمان لبقاء إسرائيلَ آمنةً في هذا البحر الشّرق أوسطيّ...الهائج، وإن لم يحصل هذا فستكون اتّفاقيّة فينّا...خطوةً على طريق الصّراع الآتي، لا محالة، وعلى طريق الدّمار!
...ثمّ لماذا الكَيلُ بصاعين، أيّها العالم الغربيّ" المُتَحَضّر؟!" فمنذ الخمسينيّات وحتّى يومنا هذا، تُطوّر إسرائيل وتصنّعُ، على كَيفها،في مجال الأسلحة غير التّقليديّة! أليسَ في ذلك خطورةٌ عليها وعلى جيرانها/أعدائها؟! ألم تُخرج إسرائيل أسلحتها الذرّية هذه عندما حدّق بها الخطر الأكيد وهدّد وجودها...في الأيّام الأولى لحرب أكتوبر، الف وتسع مئة وثلاثٍ وسبعين؟! لماذا،إذًا الكَيلُ بمكيالين؟ لماذا لها يجوز ولغيرها لا يجوز؟ كيف تستطيع إسرائيل أن تحملَ خمسَ بطيخاتٍ بيدٍ واحدة؟
وماذا لو أرادت،غدًا، باقي الدّول العربيّة تطويرَ أسلحةٍ غير تقليديّة....لتحافظ على ميزان الرّدّع مع الثّعلب الإيرانيّ ، عدوُّها التّاريخيّ هل عندها أيضًا ستعارض إسرائيل طموح هذه الدّول بالدّفاع عن حقّها المشروع هذا؟!
إنّ أيّ دولةٍ في العالم لا تفكّر بأمنها القوميّ وبالدّفاع عن وجودها،هي دولة مضروبةٌ..لا رؤيا لها!!
من هنا يتّضح أنّ أفضل طريقةٍ لمنع السيناريوهات الخطيرة ولمنع مخاطر الإبادة ...للجميع ،هي التفكير بالمنطق وبالعقل السّليم وبالذّهاب إلى طرائقَ الحلّ الّتى نادى بها ربّ العباد وهي التّصالح والمحبّة والتّسامح والتنازل...والسّلام لضمان العَيش الآمن السّليم حتّى يعيش كلّ واحد منّا آمنًا مستقرًّا.."كلٌّ تحت تينته وكلٌّ تحت داليَتِهِ..آمنًا" كما جاء في الكتاب المقدّس، وإلّا فالمصيبةُ "الّتي أُجِّلت " في فينّا لا بدّ آتِيَةٌ...فحسبِيَ الّله ونعم الوكيل!!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير