"الأبسورد" او غير المعقول ..؟! بقلم كميل فياض
2015-08-21 11:25:47
"الأبسورد" او غير المعقول ..؟!
 
الابسورد في حياتنا هو حياتنا كما هي جارية ، هو حياتنا بين بقاء خفي ابدي مجهول  في اعماقنا، وبين فناء مستمر عبر كل ما نفكر ونشعر ، اي عبر كل ما نعمل ، ذلك اننا نفكر في نطاق الزائل ولا يسمح لنا الخالد الثابت فينا ان نفكر فيه من حيث هو فوق الفكر والتفكير ، ولا يسمح لنا بأن نقوم بعمل يوازيه او يعبر عنه حقيقة ، من حيث هو لا يُصنع .. الابسورد اننا وبدون وعي نعمل كل ما نعمل من اجل هذا الباقي الحقيقي ونقصده هو ، بينما هو لا يوجد على المستوى الذي نريده ونقصده .. 
الابسورد في اننا نخرج على الدوام من ماهيتنا الازلية الثابتة لنصنع لأنفسنا ماهية عرضية زائفة وزائلة من انعكاساتها الظلالية على جدران الفضاء ، كما لو كانت هي النار مشرئبة ابداً لصنع وجه لها من الدخان المتصاعد منها .. الابسورد هو العيش في هذا الجهل والتنافس للظهور بحلة اجمل داخل حلم الوجود ، بدل العمل على الاستيقاظ .. 
الابسورد هو الرضوخ لا شعوريًا لمنطق العقل ولمنطق الاشياء وللقيم الوجدانية والفكرية والاخلاقية التي تكبل الروح وتحجبها عن الوهيتها ..الابسورد هو المحاولة الدائمة البائسة الفاشلة للجمع بين تناقضاتنا الكثيرة على نفس الخلفية من وحدتنا المطلقة ، كمن يمزق نفسه بأفكاره وتصرفاته عنوة واقتداراً في سبيل وحدتها .. الابسورد هو حياتنا على الارض ، التي لا تختلف عن حياة جميع الكائنات رغم كل العلوم والفنون والتكنلوجيا ، فجميع الحيوانات تولد وتتكاثر وتهلك ، وليست اعمارنا اطول بكثير من اعمارها ، وبعضها يعيش اكثر .. الابسورد في حياتنا هو تحويل الصراع من مواجهة ضعفنا وجهلنا واغترابنا عن جوهر وجودنا ، الى صراع ضد بعضنا البعض ..
الابسورد هو ان تحتفل بعيد ميلادك وانت لا تعرف نفسك ، ان تخرج لتتمتع مع سكَّر وضغط وكلسترول يجعلك اقرب الى الجلطة من اي محبوب ..الابسورد هو التاريخ البشري كما يتجلى للمتأمل من داخل "مديتسيا" ساكنة هادئة سابرة .. 
للأبسورد مظاهر في حياتنا الاجتماعية لا تحصى ،وبتحكمه عبر التغيير القسري الدائم  في ظاهر وجودنا ، يحاول الأبسورد دائمًا فضح علاقتنا الظاهرية بأنفسنا ومع العالم ومع بعضنا البعض ،من خلال الألم والحزن والقرف والعبث الناتج من تلك العلاقة ، لكن دون جدوى ، فنحن كما يبدو نفضل العيش في الحلم على العيش في الحقيقة ، ونستمرئ  (جمالية) العاطفة مع الموت والعدم على حقانية الوعي مع الحياة الباقية .. 
ولا نكران في ان هناك قلق ما تجاه هذا الابسورد  لدى المعظم ، لكن لا يكفي القلق وحده ، فسرعان ما يتحول الى مصالحة بائسة وهمية رومنطيقية وشِعرية ، او عقائدية مع الوجود .. ولا نكران ايضًا لما يحاوله بعض العلماء من شتى المجالات لإيجاد (إكسير) الحياة المفقود ، سواء في الابحاث الجينية والفيزيائية ، غير ان ما يجعل محاولاتهم تافهة وجزء من الابسورد نفسه ، هو البحث عن الإكسير السحري في المادة تحت حصر الحواس ، وحسب النموذج الاسطوري نفسه لتصور الجنة عند المؤمنين ( السماويين) ..  
 
ابسورديات :
التدخين ، تعاطي المخدرات ، المثلية الجنسية ، الوثنية .. ان نعيش وفق قوانين وانظمة وضعية مُحكمة ، ناهدة للكمال على ارض تائهة في فضاء غير محدود .. كما لو كان بيت نمل على شاطئ محيط ..
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق