أحلام السّراب.. بقلم: دكتور نجيب صعب – أبو سنان
2015-09-03 22:31:21
أحلام السّراب.. بقلم: دكتور نجيب صعب – أبو سنان.
كثيراً ما يتمنى المرء أموراً في متناول يده، وكثيراً ما يجد تعليلاً لذلك، وكثيراً ما يعتمد على الغير، وكثيراً ما ينتظر إنجازاً قد يأتي دون عناء على حد تفكيره، وكثيراً ما يتخيّل لهذا المرء أو ذاك أن الأمور والأنجازات والتحصيلات على مختلف الأصعدة تأتي لوحدها، أو ربما تأتي بدون تعب أو كلل، وقد يحلم كثيراً بها أولاً وثانياً يعيش فترة طويلة ينتظر تحقيق حلمه، وتتعاقب الايام.. وتتوالى الليالي ... وتراه متمسكناً بأحلامه الواهية، ومهما طالت على هذا المنوال فنتيجتها أحلم السّراب، لا تحقيق لها، ولا موضوعيّة فيها ولا نتائج أو ثمار أيضاً.
فالأحلام عديدة ومتنوعة ومركّبة في نفس الوقت، منها ما هو صحيح ويستند على واقع واضح وعلى ركيزة إجتماعيّة، إنسانيّة وإقتصاديّة توجه صاحبها الى التفكير فيها، وتوقع حصولها، إن كان عاجلاً أم آجلاً، وتحقيقها كذلك مقرون وبدون شك بالجد والكد والمثابرة والعمل الدؤوب، ويمكن لهذه ألأحلام أن تتحقق وربما ينعم صاحبها بما يصبو اليه من خلالها، لأنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم.
ومن هو صاحب عزيمة وإرادة قوية وتخطيط سليم، ومثابرة ومواكبة وتنفيذ ولو في أبسط الأمور لا شك أن أحلامه تكون أحلاماً واقعيّة، وقد تتحقق يوماً من ألأيام وتكون بعيدة كليّاً عن السّراب.
وإذا تعمقنا أكثر في مجال ألأحلام، لوجدنا كثيرين ممن يعيشون في أحلام اليقظة، ولا يدرون أنهم لا يملكون شيئاً على أرض الواقع سوى معيشتهم في أوضاع وهميّة لا تقودهم الآ الى السّراب الذي هو لا شيء.
وقد يقع نفر من هؤلاء في مآزق إقتصاديّة إجتماعيّة وغيرها من جرّاء هذا التّصرّف، حيث أن الخيال والتمني والتوقع والعيش في مثل هذه الأحوال لا يجدي نفعاً، ولا يعود بأية فائدة تُذكر، وما يمكن جنيه منها فقط هو الفشل وخيبة الامل التي جاءت بالطبع نتيجة للوهم والخيال الذي يقوم نفر من الناس بنسجه لأنفسهم دون أن يفكّروا قليلاً، أو دون أن يدركوا مدى مصداقيّة ما يقومون به، فلو قيّموا أنفسهم تماماً كما هي على حجمها الصحيح لما وصلوا الى كل هذا ، ولما خابت آمالهم ولما فشلوا في حياتهم مرة تلو الاخرى ويبقون على حالهم سنين وسنين وقد تتردى أحوالهم عاماً بعد عام بفضل ما تصنع أياديهم.
وهناك نفر من الناس يرتكز في أعماله وبرامجه على دراسة عميقة، على تخطيط سليم يستمد من واقع حجمه الصحيح دون مبالغة، ويواكب خطوات عمله مواكبة أكيدة ومتواصلة، وقد يقيّم الاعمال من فترة وبعزيمة لا كلل فيها ولا ملل وبإرادة لا تعرف الحدود، هذا النوع من البشر تكون أحلامه حقيقية، لو حلم الى العلياء، والى الرقي والتقدموالتّطور من خلال النظرة الموضوعية لقدراته وإمكانيته ونشاطه المقرون بصدق العزيمة وحسن النوايا، فلا بد الآ أن تتحقق آماله أو على الاقل بعضها، فلا تكون أحلام سراب خاوية خالية لا تنطوي على أي شيء قد ينفع صاحبها ويفيد المجتمع.
لذا، هنا ينبغي على بني الانسان الآ يبالغوا في تصوير أنفسهم وتخمينها عالياً، والآ يعيشوا في الأوهام لأن المرء مهما كذب ومهما إحتال في حياته ومهما سلك دروباً غير مألوفة فلا بد له لا وسيقع وكل ما بناه من أحلام ما هي الآ أحلام سراب، لا تعود عليه ولا بأي شيء يذكر سوى العكس.
فهيّا نستقر جميعاً بالإدراك السّليم والتقييم الصحيح لأنفسنا أولاً، وكذلك بالعيش في الواقع وليس في غير الواقع ثانياً لأن في ذلك ضمان للمستقبل ولتحقيق بعض من الأحلام التي تراود كل إمرئ وفي مواضيع شتى.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير