الغيبة بقلم الشيخ رياض حمزة
2015-09-06 22:35:54
هذه رسالتي ومقالتي المتعلقة بموضوع الغيبة – اغتياب الناس – والتي أوجهها الى بعض الشباب المتزيين بزي رجال الدين الذين نشروا لي بعض الصور على الواتس اب , والتي ابدوا فيها وكأنني أشرب النبيذ , في احدى المناسبات , مُتجنين على , متناسين أن الغيبة والنميمة مِن الكبائر التي يحاسب عليها مَن يفعلهاا رب العالمين , خاصة وأن الكوب الذي كان بيدي كان يحتوي عصير العنب وليس كما بدا لهم , وهم بظنهم خائبون , والله عليَّ وعليهم رقيب شهيد . سامحهم يا رب , فأنت السمحُ الغفورُ الرحيم .
الغيبة , وما ادراك ما الغيبة ! إنها من الكبائر التي حذر الله سبحانهُ منها , وهي مِن أكثر ما يكره الله سبحانهُ وتعالى , وأن قِصاص المُغتاب عند الله ما بعدهُ قصاص ؟ ,أنها هي التي لا يكفرها (يمحوها ) كفارة المجلس (الصلاة) ولا تُكَفَّرُ الا بالتوبة النصوح ؟
كلنا (رجال الدين ) نعرف خطر الغيبة وشديد عذابها ولكننا , وللأسف , لا نجاهد أنفسنا جهاداً كافياً يكون لنا شفيعا لنا عند رب العالمين .
كثير من الناس اذا نهيتهم عن الغيبة يردون عليك بقولهم , شو يعني , بدك ايانا (اتريدنا) نقعد ساكتين ؟ شو يعني , ما نحكي شو عمبنشوف , وكان الله سبحانه , عيَّنهم أوصياء على خلقه !!
سبحان الله وكأن الأحاديث لا تحلو الا في القدح والذم في عباد الله , والانتقاص منهم أو حسدهم أو تشويه سمعتهم أو أو أو .... !!! حسبنا الله وبه المستعان على القوم الظالمين .
*للغيبة , ايها الأخوة والأخوات , صفات ومزايا وإخطار جمة , أهمها :
1 - تُحبط الاعمال والعاملين وتاكل الحسـنات (حسنات المُغتاب) . ( قال أحدهم لو كنت سأغتاب أحدا لاغتبت أمي وابي فهم أحق الناس بحسناتي ) .
2 - تفسـد المجالس (اماكن الصلاة وأماكن اللقاء) وتقضي على الاخضر واليابس .
3 - صاحبها يهوي الى الدرك الاسـفل من السفالة ومصيرهُ الدرك الأسفل من نار جهنم وبئس المصير .
4 - رذيلة الغيبة لاتقل عن النميمة خطرا بل أشد منها ضررا (سأكتب لكم عن النميمة لاحقاً , بإذن الله) .
5 - صـفتها من الصـفات الذميمة وخلة من الخلال الوضيعة , وصاحبها مِن أوضع ما خلق الله مِن البشر .
ولئلا يقع منها المرء موقعاً , وهو لايدري , حذرت منها الديانات ايما تحذير .
عن أبى هريرة رضى الله عنة , أن رسول الله , صلى الله علية وسلم , قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا الله ورسولة اعلم , قال : ذِكْرَكَ أخاك بما يكرة . قيل لهُ : أفرأيت إن كان فى اخى ما اقول ؟ (أي , حتى ولو كان في أخي ما أقول ) قال : إن كان فية ماتقول فقد إغتبتهُ , وإن لم يكن فية ماتقول فقد بهتهُ ) اي ظلمته بالباطل وأفتريت علية الكذب .
ما أبشعها من صورة وما أبشع ما يفعله أهل الغيبة وما يقوله بعضنا , في مجالسنا واجتماعاتنا , مُغتابين بعض ! .
* واذا جِئنا نبحث عن الأسباب التي بسببها يغتاب المغتاب أخاه المُستغاب نجدها كثيرة , ومن أهمها :
1 - تشفي غيظ المغتاظ مِن مُغيظهُ إذْ يذمهُ لسبب أنه غاضب منه أو عليه , أو في قلبه حسداً وبغض له أو عليه , فيروح به ذاماً قادِحا بما فيه وما ليس فيه .
2 - موافقة الأقران (الرفاق) ومجاملة الرفقاء المغتابين , عندما يكون مُجالساً لهم في مجلس فيه غيبه , ويكره أن ينصحهم لكي لا ينفروا منه ولا يكرهونه .
3 - إرادة المغتاب رفع قيمته (مكانتهُ) بتنقيص قيمة الغير .
4 - يغتاب المغتاب غيره لكي يضحك والناس , وهذا ما يسمى المزاح حتى يكسب حب الناس له .
* وعلى المُغتاب أن يتذكر وان يعلم وان يعمل :
1 – أن المغتاب يتنكر ويخالف أهم ركنين من اركان دين التوحيد , حفظ الاخوان وصدق اللسان .
2 - أنه يتعرض لسخط الله , وأن حسناته تنتقل إلى الذي اغتابه وأن لم تكن له حسنات أخذ من سيئاته (سيئات المُستغاب) , وأضيفت الى سيئات المُغتاب .
3 - إذا اراد المُغتاب ان يغتاب أحدهم , يجب أن يتذكر نفسه وعيوبها ويشتغل في اصلاحها وعليه أن يخجل ان يعيب وهو المُعَاب .
4 - وأن ظن أنه سالم من العيوب , وقد يكون , فعليه أن يشتغل بشكر الله وحمده وليس في استغياب الغير .
5 - ليحاول المُغتاب ان يضع نفسه مكان الذي أُغتيب وحينها سيجد نفسه لن يرضى لنفسه تلك الحالة .
6 – عليه ان يبتعد عن البواعث التي تسبب الغيبة ليحمي نفسه منها .
والغيبة قد تأتي من المغتاب شفاهةً أو كتابةً أو بالصورة , وقد تأتي بشكل مباشر أو بالانتقال من احدهم الى الآخر والى الآخر وهكذا دواليك , وفي هذه الحالة يكون حاكيها وناقلها وناشرها في نفس الخانة , خانة المُغتاب الواقع تحت الخظيئة وتحت رقابة الله رب العالمين وغضبهِ وسخطهِ وعقابه يوم الدين .
بعد كل هذا الذي ذكرناه , دعونا نتعاهد أن لا ننطق الا بما يرضي الله سبحانه وتعالى , فنحن نتحدث كثيرا وننسي أن الله سبحانه , حاضرٌ ناضرٌ يرقبُ حركات عبده ويحسبها له أو عليه , وهو العليم البصير , وهو على كل شيء قدير ولنتذكر قوله تعالي (وما يُلفظ ُ مِن قولٍ الا لديه رقيب عتيد) , فملائكة الرحمن لا تنسى , فماذا نفعل عند عرضنا علي رب العزة والجلال , ويقال لنا (هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق , انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) .
اسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يمن علينا وعليكُم بتوبة نصوح , وأن يغفر لنا ذنوبنا وزلاتنا وإسرافنا في أمرنا , وأن لا يُطلق ألسنتنا الا بما يرضيه عنا , انه ولي ذلك , وهو الغفور الرحيم .
لذا فينبغي على الواحد منا أن يجاهد نفسه على تَجَنُّب الغيبة والابتعاد عنها , وأن يحاول أيضاً أن يعفو ويصفح عن كل من اغتابه وتكلم فيه , فإن في ذلك أجراً عظيماً , قال تعالى : ( وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا , فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ , إِنَّهُ َلا يُحِب ُّالظَّالِمِينَ ) سورة الشورى : 40 , ولعل ذلك أيضاً يكون سبباً في أن يُسَخِّر الله للمُستغاب قلبَ كل من اغتابه هو فيعفو عنه ويسامحه جزاء ما فعل هو مع غيره , ولن يخسر الإنسان شيئاً إذا عفى وسامح , بل إنه سيتضاعف له الأجر بهذا العفو .
تم بعون الله وحمده .
الموضوع للنشر والحذر من هذه الكبيرة من كبائر الذنوب فلنحذر من أن نحبط اعمالنا بأيدينا في وقت لا ينفع فيه الندم ولات حين مناص أو ساعة ندم .
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير