لماذا نتجاهل انفسنا ؟! بقلم كميل فياض
2015-09-07 18:47:45
لماذا نتجاهل انفسنا ؟!
 
كم منا يعبِّر بصدق عن معاناته الجنسية ..؟!
كم منا يتعامل بجدية مع مرضه ، مع السكر والضغط والدهنيات الزائدة ؟!
كم منا يحاول مخالفة هذه العادة او تلك من التي ينتقدها وهو دائب كغيره عليها ، كالعادات المُتعِبة والفارغة والمكلفة المرتبطة " الافراح " مثلاً ..؟!
كم منا يتقي شر نفسه في سره لا فقط على مرأى من الناس ..؟!
كم منا يعرف ثم يعترف بأن الموت رحمة في هذا العالم والرغبة لمغادرته حكمة لا يفقهها محبي "الحياة" ؟!
ترانا نحرص كل الحرص على الظهور كما يليق : بدلة  - ربطة عنق ليس اجباري - جبة ، عمامة ، عباءة ، ثوب جميل انيق ، او ربما ثوب عادي جدا وغير مكوي هذا لا يهم .. نضع قلمًا في الجيب وساعة في اليد – ايضًا غير اجباري – غير اجباري اي شيء من هذه المظاهر ، ويمكن ان نكون ، بل افضل ان نكون عراة تمامًا كمشاعرنا ، كمعاناتنا ، كأحزاننا وشهواتنا ..   فالمظاهر لا يمكن ان تُسعِف شعور من أضاع بوصلته في الحياة ، ولا تصلح ان تكون واقٍ من الشعور بالجوع للأمان ، او راوٍ لعطش ساحق وشاف لغربة غير ضرورية وغير اجبارية ..
ويظهر ما في عالمنا الداخلي في ظروف قاهرة كحرب الطوائف في العراق واليمن وسوريا مثلاً ، بينما في ظروف الاستقرار ، الجميع على ما يرام ، .. اتفاق واحترام ومحبة وسلام بين الجميع على اختلاف المذاهب والمشارب ، حتى انقداح الشرارة واشتعال النفوس .. ونكتشف ان استقرارنا استقرار براكين ، واحترامنا ومحبتنا لبعض محبة ذئاب وقطعان .. 
في الواقع اصبحنا مع مر الزمن بليدون غلِاظ  قساة جفاة مع رخاوة  ويأس من كل شيء ، ونريد فقط تمرير اليوم كيفما اتفق ..
نعيش خلطة الشرق والغرب والشمال والجنوب في كل خطوط الطول والعرض ، لم نعد نشعر بالحاجة لعلاج شيء ، مستسلمون للتيار ، من تعب الى تعب ومن حفرة الى حفرة ومن نار الى نار ومن موت الى موت ..
 الى ذلك لا زال هم الواجب الاجتماعي هو البطل المنقذ لدى كثرة من الناس ، الواجب الذي هو خداع آخر متفق عليه لترميم ما يمكن من حطام نفسي بقيادة الأنا..   
حتى في المقابر يتحكم هذا الأنا فينا ونريد لقبرنا تميزاً على سائر القبور .. 
وهناك مشافٍ عديدة وأسواق عديدة .. هناك ملاعب كرة قدم ، وشاشات تلفاز .. هناك حواسيب نقالة مُعبأة بكل ما لذ وطاب من ألعاب  لملء الفراغ ، وهناك بعض المعابد وبعض الصلوات ..
واذ نحن على دين المظاهر سائرون  نحسبنا على دين العقل والحكمة  ، بينما نحن نخون انفسنا مع كل ساتر من هذه المظاهر ، ومع كل واقٍ ومع كل تفكير ..
فجوهر وجودنا لا يتحقق في السوق ولا في الديوان ولا فوق المنبر ولا في اي مكان .. بل هناك  حيث لا يصل انسان ولا تفكير انسان ولا طموح انسان ولا طمع انسان ..  
هناك حيث لا يراك احد ولا يسمعك احد ولا يعرفك احد ..
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق