ثورة حبي المجنونة بقلم: مَارون سَامي عَـزّام
2015-10-29 15:14:04
ثورة حبي المجنونة بقلم: مَارون سَامي عَـزّام
غاليَتي... غار الخريف من رؤية الأطفال يلعبون داخل المخيّمات الصّيفيّة، فأغلقها... غار من قصورهم الرّمليّة، التي بنوها على شاطئ البحر، فهدَمَها. أه كم هو غيور! حبيبتي سبَّل الخريف عيون الصَّيف، وفرش المساء بساطَ شجونه فوق ذكرياتنا الجميلة، لأنّه غار منّا عندما شاهدنا سعيدَين بالسّاعات الأخيرة للتوقيت الصّيفي، فأعاد عقاربه ساعةً إلى الوراء، وبدأ التّوقيت الشّتوي. غار الخريف من أقاصيص حبّنا اليوميّة، فبعثرها عنوةً... غار من رسائلنا فمزّقها... حتّى أنّه حين غار منّي، عصفت بوجهي رياحه الشّرقيّة، ومنعتني من التّجوُّل في الشّارع المؤدّي إلى بيتكِ.
قرّرتُ بيني وبين نفسي، أن تكون غيرتي عليكِ مجنونة، إلى حد أنّني كدتُ أن أثور كالبركان، عندما رأيتُ رياح الخريف العاتية تدفعكِ نحو قارعة الطّريق، لتنتقم من حبّي... تداهمكِ بقوّة لتوقعكِ أرضًا، تشدّكِ من شعرك وتنكّل بجماله، لتظهري أمامي بمظهرٍ قبيح.
لم يكُن بمقدوري تحدّي جنون الطّبيعة التي اكتسحتْ منطقة نفوذي، وانتقمت من جمالكِ الذي يحمل معه غمار حبّنا، رغم أن حوّامات الخريف ما تزال تحلّق فوق رأسكِ، تنفض شعركِ عن كتفيكِ، ليذري الغبار في عينيكِ، كي تحجب عنكِ الرّؤية.
غار الخريف من شمس الصّيف الحارقة، عندما شاطرَته حصّته في الطّبيعة، لأنّه يحبّها ضعيفة أمامه، كذلك أنا، أغار من أن يأخذ شخصٌ آخر مكاني. أغار حتّى حين أرى زميلكِ يجلس إلى جانبكِ على مقعد الدّراسة، أو يكلمكِ. أرجو ألاّ تُفسحي له مجالاً كي يدنو منكِ لأيّ سبب، ولا أحبُّ أن تضعف شخصيّتك أمامه. كوني جريئةً، وصدّيهِ عنك بلطفٍ، معتذرة له بأدب.
ثارت غيرتي المجنونة، عندما ابتسمتِ للمدعوّين إلى حفلة "عيد الحب"، وجاملتِهم على مرأىً منّي، بكلمة ترحيب صغيرة، رغمَ أنّني رجوتكِ سابقًا ألاّ تفعلي، ولكنكِ لم تأبهي لكلامي. لم أرغب بإحراجكِ أمام المدعوّين في تلك الليلة. ألَم أُلقِ عليكِ يوميًا وعظتي التي تعرفينها؟!!... فالغيرة العمياء هي الصّفة المميِّزَة لمن كان مثلي من العشّاق.
كل هدفي من هذه الغيرة، هو أن أصونكِ... لذلك اعذريني... سامحيني حبيبتي، فتصرفاتكِ تدل على أنّك مهتمّة بي وتحبّينني... تلهمينني هدوء النّفس. لكن ما دفعني إلى هذه الغيرة، هو كثرة ما سمعت عن فتيات متقلّبات في ميولهن العشقيّة، وغيرتي عليكِ أعتبرها صمّام الأمان الذي يُطمئنني عنكِ. ألَم تُدركي هذا بعد؟!
نعم حبيبتي، أنا غيور جدًا في حبّي لكِ، وقد أكون الوحيد الذي سيُحطّم يومًا ما أنفاق المدنيّة الحديثة، التي أوصلت الفتيات إلى قاعات الحريّة الواسعة والمُكيّفة بجميع مطالبهن التي ناضلن من أجلها، فسوف ألطمها بقبضة أسدٍ هصور، آتٍ من عصورٍ انقرضت. ولكن رغم كل ذلك، فأنا أحبّكِ... أحبّكِ... أحبّكِ حبًا ثلاثي الأبعاد، ممكن أن تري من خلاله، الغيرة والأنانيّة والجنون.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير