عندما تعجب النفس صاحبها ! بقلم: دكتور نجيب صعب – أبوسنان
2015-12-22 21:23:23
عندما تعجب النفس صاحبها ! بقلم: دكتور نجيب صعب – أبوسنان.
بنو البشر يختلفون ويتميزون في كثير من تصرفاتهم اليومية، وصفاتهم التي تلازمهم وبعقولهم وشدة ملاحظاتهم، نشاطهم، كسلهم، مسؤوليتهم والتزاماتهم الذاتية والاجتماعية وفي كثير من النعوت والصفات الاخرى.
فمنهم من يبدأ حياته منذ نعومة أظفاره ببساطة متدنية، أحوال متوسطة، إمكانيات محدودة، الآ أن الله سبحانه وتعالى بالمقابل قد منّ عليهم من عنده ببعد نظر وبعقل سليم، بحسن بصيرة، بأُفق بعيد المدى في التفكير والترتيب والتنظيم والعمل المتواصل والدؤوب، الامر الذي يحتم عليهم شق طريقهم في الحياة في كدّ وجدّ دون وجل أو كلل أو ملل، يخططون، يثابرون في العمل الجاد ليحققوا ما ترنوا إليه عيونهم، تراهم ذات مكانة إجتماعية وأصحاب إحترام ذاتي وسيرة حسنة، وما يكلل ويتوج كل هذا الانجاز بمختلف دروب الحياة اليومية وتسخير مقوماتها لأغراضهم ولتقدمهم هم وذويهم وربما مجتمعهم.
ومع كل هذا إذا أمعنّا النظر نرى ان هذا الصنف من بني البشر ينعم بكده وبجده وبمثابرته بالصبر وبالتواضع دون العنجهية بعيداً عن الشموخ والتعالي على الآخرين ، وألأهم من ذلك لا تعجبه نفسه وتدفعه الى التكبّر والكبرياء والنظر بإزدراء الى ألآخرين ، بل تراه يتحكّم في هذه النفس ولا يدعها تتغلب عليه من باب التواضع والواقعية، كل هذا في نظري سببه العصامية وشق الطريق بنفسه وبتضحياته بإستقامة متناهية.
وفي الطرف الآخر نلاحظ ونعرف الكثيرين من الناس من الصنف الآخر، هذا النصف الذي منذ الطفولة تربى وتلبى على الثروة التي بدأ ينعم بها إما بالميراث أو بكسبها بطرق متنوعة دون كدّ أو جدّ، دون تخطيط مثابرة ودون التزام ذاتي وإجتماعي وتراه يقبع في برج من عاج (حسب رأيه طبعاً) وكأنه بثروته وأمواله الطائلة يتمكن من تسخير الناس واستغلال أوضاعهم لمصالحه الشخصية وفقط الشخصية تحت ستار ينعته هو بنعوت لا تمت الى الواقع والحقيقة بصلة مطلقاً، هذا بألإضافة الى نهجه في الحياة بالتكبّر وبالعنجهية وبالنظر من الأعالي وكأنه يختلف في طينته ونوعيته، كما أنه يبعد كثيراً في تفكيره وعندها تعجبه نفسه ويصول ويجول في تصرفاته، وكأن الله سبحانه وتعالى لم يخلق البشر على شاكلته وربما في بعض الأحيان يسخر من الآخرين محدودي ألأمكانيات المالية والاجتماعية وحتى العقلية.
إنسان كهذا معجب بنفسه كثيراً منغمس في رفاهيته وعليائه وتشعب أفكاره وسرعان ما تراه ومن شدة طيشه قد هوى وتدهورت أحواله بفعلة يديه، وإنقلبت حياته رأساً على عقب، وىت الوقت وقت ندامة فلا منفعة ولا فائدة في حساب النفس، هذا إذا استطاع الى ذلك سبيلاً.
وعليه فالتواضع والتسامح والواقعية والنظرة الثاقبة الى الحياة ومعرفة الانسان قيمة نفسه وعدم التعالي والابتعاد عن العنجهية والتكبر، كل هذا يعمق تفهم المرء لذاته ولذويه ولمجتمعه ، ألأمر الذي يؤدي بالتالي الى حياة أنقى وأنظف، تسودها المحبة ويخيم التآخي عليها وألأهم من ذلك المساواة بين بني البشر في ظل إحترام متبادل بين جميع أفراد المجتمع بدون إستثناء.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير