القرية الدرزية الجديدة!!
2016-01-09 11:53:52
بقلم: أزهار أبو الخير- شعبان. عَكّا
 
من بين العناوين والمواضيع التي تشغل بال الكثيرين في الآونة الأخيرة هو موضوع بناء القرية الدرزية الجديدة الموجب إقامتها بالقرب من أرض قرية حطين المهجرة!
لاقى هذا الموضوع حجما أكبر منه من قبل الصحافة التي تعمل لنشر الوعي لعدم الهرولة وراء هذا المخطط, ولكن دون شك هذه الصحافة ودون أن تدري منحت التعظيم لهذا الخبر وهذا هدف آخر من قبل الدولة والمعنيين في تكبير هذه القضية وإعطائها حجم أكبر منها!!
موضوع القرية الدرزية الجديدة ولا أدري حقيقة ماذا تعني قرية درزية جديدة؟! هو موضوع شائك, وذلك يستدل من التسمية الواضحة والتي تدل على التفرقة وإبعاد أهلنا من الطائفة المعروفية عن بعضهم البعض!! فالدولة لم تكتفي بإبعادهم وسلخهم عن المجتمع العربي في عام 1954من خلال قانون التجنيد الإجباري لهم بل وتحاول أيضا اليوم ومن خلال أسبابها والتي تبدو مبررة أو واضحة ولكن العكس هو كذلك! بسلخها مرة أخرى أو ببث سمها بين أبناء الطائفة المعروفية نفسهم.
من الأسباب التي تعطيها الدولة لبناء قرية درزية جديدة هو الشعور والتعاطف أو التضامن مع أبناء الشبيبة وبالأخص المقبلين على الزواج لحل أزمة السكن! وذلك من خلال منحهم قرية يتم بناء عش الزوجية فيها وإكمال حياتهم على أرضها! ولكن يبقى السؤال ما المانع في توسيع مسطحات القرى الدرزية القائمة منذ مئات السنين؟؟ والتي تحمل تاريخا عريقا وطابعا خاص لا يمكن إنكاره وثقافة لا يمكن تجاهلها!
فبدلا من مصادرة الأراضي والدونمات بين الحين والآخر ما المانع في إعطاء تصريحات في توسيع المسطحات؟ ليتم البناء عليها من قبل الشباب وغيرهم وليتم أيضا بناء مصالح تجارية وأماكن للترفيه وصناديق للمرضى ومدارس ومكاتب وغيرها!! أم أن كل هذا لا يمكن بناءه سوى على أرض منكوبة مزعومة جديدة؟؟
من الأسئلة التي تدور في ذهني أيضا لماذا اختيرت منطقة قرية حطين المهجرة لتكون موقع بناء جديد؟؟ لماذا لم تمنح لليهود (وهنا أقصد اليهود العاديين وليس المتطرفين الذين يستوطنون بكل حدب وصوب) إمكانية البناء هناك فهناك أيضا شباب يهود مقبلون على الزواج ويريدون أماكن سكن لهم؟!! أظن أنه سؤال يحتاج إلى تفكير عميق!!
ما المغزى من إدخال الرموز الدينية في هذا المخطط؟ وذكر أنه يتواجد هناك مقام النبي شعيب؟؟ 
هل تريد الدولة من خلال اللعب في الرموز الدينية أن تجلب موافقة على مخطط البناء هذا؟!!
أسئلة كثيرة وعميقة يجب أن تطرح في هذه القضية, ولعله يكون هناك صدى وأجوبة لهذه الأسئلة!
الإستخفاف بعقول الناس من خلال أسباب ومبررات تحمل في طياتها خفايا وخبايا عظيمة هو سلاح تستعمله الدولة ضد مواطنيها العرب وبالأخص ضد الفئة الجاهلة التي هي في سبات دائم والتي لا تسعى إلى التعمق بما يدور من حولها!
لفت انتباهي في الحقيقة خبر نشر في الصحافة في الآونة الأخيرة ويتحدث عن تواجد شخصيات سياسية عربية من غير الطائفة الدرزية بحيث يقوم هؤلاء الأشخاص بدراسة الموضوع عوضا عن معارضته كليا من جذوره!
ولكن! بالطبع إدخال شخصيات سياسيه غير درزيه لتتحدث في هذه القضية هذا أيضا موضوع تلعب به الدولة لتحول النظرة المعروفية اتجاه هؤلاء السياسيين من إيجابية إلى سلبية فالبعض اعترض أن يكون هناك تدخل خارجي في هذه القضية! حيث انهالت التعليقات السلبية في عدة أنحاء من الشارع العربي الدرزي على تدخل الآخر بما يعنيهم وهناك من نعت هؤلاء السياسيين أيضا بأنهم غرباء!!
وهنا طبعا يكون قد تحقق هدف آخر للمستفيدين من هذه القضية!!
خارج عن نطاق الموضوع قليلا فقد استرجعتني ذاكرتي وأنا أكتب هذا المقال أنه عندما كنت طفلة كان والدي يصطحبني أنا واخوتي أحيانا وخاصة في الأعياد الدرزية إلى مقامات مختلفة مثل مقام الخضر ومقام النبي شعيب بحكم صداقاته المتعددة وعلاقاته الطيبة مع العديد من الناس من الطائفة الدرزية, كنا نزور تلك الأماكن برغم أننا لسنا دروز! كان والدي آنذاك يبرر لنا أنه يصطحبنا لأنه يملك أصدقاء دروز لكني عندما كبرت أدركت أن هناك أسباب أخرى لم يرويها أو لم يعرف أبي حينها كيف يفسرها لنا! أدركت أن نزعته العربية كانت تحثه على فعل ذلك! يكفي أنه عربي القومية ليحترم ويقدر أي عربي تاركا الديانة والطائفية تتحسر على أهدافها التي لم تنال من والدي ولا مني طبعا.
لم أخرج عن النطاق عبثا!!
أردت أن أثبت أن النزعة العربية هذه إذا توحدت كما يجب فستهزم كل مخطط وكل هدف تفريقي فالدولة وحكومتها لطالما لعبت على حبال "فَرّق تسُد". 
في نهاية المطاف يبقى أن تكون هناك وقفة رجل واحد لا تقتصر على الطائفة المعروفية فقط بل تتكون من جميع مكونات المجتمع العربي في هذه الدولة للتصدى لهذا المخطط الذي بحسب رأيي ليس هناك أحد يحمل ضميرا يوافقه, فكل شخص منا يحب الإستقلال والتطور ولكن لا أظن أن هناك من يحب أو يرغب في إبعاده أو إقصائه أو تفرقته عن طائفته أو أهله وأحبائه الذي ترعرع بينهم وقريته التي نشأ بها وتربى بين أحضانها.
توسيع مسطحات القرى الدرزية هو إكمال لتاريخ عريق قائم...
بينما اختراع قرية درزية جديدة هو مخطط هادم!! 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق