وطن بقلم إياس يوسف ناصر
2016-05-10 16:08:45
وطن بقلم إياس يوسف ناصر 
 
أكتبُ يا أمّي 
من أرضِ القدسِ إليكِ! 
أكتبُ... 
عن طفلٍ في قلبي
يشتاقُ إلى دفءِ يديكِ،
أكتبُ... 
وعيونُ اللّيلِ قناديلٌ
تَحملُني
بالنّورِ الأسودْ
تقذفُني 
للعمرِ الأبعدْ
تأخذُني 
لسرابِ الضّوءِ السّاكنِ
في عينيكِ!
****
 
العمرُ طويلٌ وغزيرٌ
كثواني العشقْ!
والشِّعرُ يُعانقُ في وجهي
أوجاعَ الشّرقْ!
وأنا لا أجهلُ إمرأةً
تقرأُني كغلافٍ مختومْ
تكتبُني كعبيرٍ مرسومْ 
تُطعِمُني من حقلِ يديها
أملًا يتغلغلُ في قلبي
كجنونِ البرقْ!
****
 
في القدسِ أراني يا أمّي
أبحثُ أبحثُ
عن ألفِ مسيحْ!
وأجوبُ جميعَ شوارعِها
وأُخبّئُ أحزاني في الرّيحْ،
من كان نبيًّا يَحرسُها
قد أصبحَ في الطّرقاتِ جريحْ
من كان يُغسّلُ رجلَيْها
قد أصبحَ عند السّورِ كسيحْ
من كان يُسبِّحُ عينيها
قد ضيّعَ في دَمِها التّسبيحْ
من كان يزورُ قيامتَها
ليُضيءَ بحُبٍّ شمعتَها
لم يَلْقَ ضَريحْ! 
****
 
قد كَذَبوا جدًّا يا أمّي!
قد كَذَبَ المنتفعونَ علينا..
باعوا الكِذْبَ بألفِ صحيحْ!
زاروا القدسَ فلم يجدوها،
سألوا عنها بعضَ بَنيها...
فأجابوهم في المستشفى!
ترقُدُ في قسمِ الحالاتِ الحَرِجَهْ!  
ترقُدُ 
مثلَ القمرِ المجروحْ!
ما عادوها لو ثانيةً
ما سألوا عن جرحٍ مفتوحْ!
واشتغلَ الكِذْبُ وتركيبُ 
الكلماتْ..
عن أنّ حبيبتَنا القدسْ،
تَهنَأُ في أفضلِ حالاتْ
فاحترِسوا من أيِّ إشاعاتْ!
أنّ حبيبتَنا القدسْ،
من فوقِ سريرِ الموتِ طَريحْ!
قد زرناها
فَوجدْناها
أجملَ من زهرةِ رمّانٍ
تكتُبُ قُبلتَها للرّيحْ!
لا وجعٌ فيها 
لا حزنٌ..
لا يُسمَعُ تحت مخدّتِها
همسٌ وفحيحْ...   
أترانا..
أترانا يا أمّي صرنا
أَكذَبَ من ديكِ اللّيلِ 
حينَ يَصيحْ؟!
***
 
إنّي لا أبحثُ يا أمّي
عن حجرٍ
عن بيتٍ ومكانْ!
إنّي أبحثُ عن وطنٍ
من لحمٍ ودمٍ 
ويُسمّى إنسانْ!
إنّي أبحثُ عن طفلٍ
نُطلِقُهُ من غيرِ عنانْ
ما زالت كلُّ ثقافتِنا
عن آلِ فلانَ وآلِ فلانْ
عن خيمةِ عرسٍ نبنيها
لنؤهّلَ آلافَ الأعيانْ 
بالمنسفِ... بالشّعرِ الشّعبيِّ
يتمسّحُ بحذاءِ الضّيفانْ 
ما زالت كلُّ ثقافتِنا
عن "ولدٍ" فحلٍ 
يَركبُ ألفَ فتاةٍ 
كجواري السّلطانْ!
ثمّ يعودُ إلى قريتِهِ
كي يحظى بفتاةٍ عذراءٍ
لم يَلمسْها مَلِكُ الجانْ!
قد حُفظتْ حتّى عودتِهِ
في صندوقٍ مختومٍ
بالشّمعِ الأحمرِ
يحرسُهُ إخوتُها الشّجعانْ 
ويجيءُ الفحلُ ويَفتحُهُ
وينالُ كفالتَهُ بأمانْ!
أترانا إنْ كنّا نجهلْ
معنى الإنسانْ، 
أترانا يا أمّي ندري
ما شكلُ الحُبِّ
وما معنى الأوطانْ؟!
إنّي أبحثُ يا أمّي 
عن وطنٍ
من لحمٍ ودمٍ 
ويُسمّى إنسانْ!
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق