الأنا بقلم كميل فياض
2016-06-05 09:10:20
الأنا : 
قال احد العارفين: (ان الله والأنا نقيضان لا يجتمعان) فلا يمكن ان يظهر مع وجود ادنى شعور ومع فكرة واحدة .. اذ الانا مكون من افكار ومشاعر ، وبغض النظر عن المعنى والمحتوى لتلك الافكار والمشاعر ، هي تمنع الاتصال بالحضور وهي فيه ، فهي تشكيل وتحديد داخل الحضور الورائي غير المحدد .. لكن في الحقيقة ان صح هذا لدى غير المستنير فلا يصح لدى المستنير ، فوجود افكار قد لا يمنع التحقق بالحضور ، فيكون الفكر شفافاً لطيفاً ، وهو كظهور القمر في النهار لديه .. ان لقضية الانا لدى غير المستنيرين اعتبارات مختلفة ، وهم في (ارقى المستويات الدينية والاخلاقية افتراضاً) يعملون لنقد الانا ونفيه من ضمنه وتحت هيمنته دون ان ينتبهوا لذلك .. 
من صفات الانا وألاعيبه الخفية : انه يتواضع ليكسب احتراماً ، وينكر ذاته ليشتد ظهوره .. عندما نتذمر من الانا يكون هو المتذمر .. يقدم الانا نفسه كناقد احيانا وكمسكين فقير ذليل للحق احياناً - يمكننا ان نشاهد هذا في بعض من نعرفهم في محيطنا وعلى وسائل الاعلام والفيسبك ..
حين نطمح لتحقيق ذاتنا خارج الحضور في اي شكل من اشكال التعبير والظهور ، يكون الانا هو الذي يقوم بذلك ، اذ لا يوجد تحقيقاً للذات اهم واكبر من التحقق بالحضور، الذي هو عملياً الذات .. لكن ليس خطئاً في ان نربي اولادنا على الطموح وطلب النجاح والتميز والتفوق والتحصيل المهني والعلمي .. لكن الى ذلك علينا ايضاً بتربيتهم وتوجيههم  كيف يكشفوا وجودهم الحقيقي الباقي خلف المتغير الزائل ، فاذا حصلوا على الاستنارة والتحقق به ، ستترنخ مطالبهم تلقائياً وتدخل في نور الحضور ..    
عادة يعرَّف الانسان نفسه ، في شخصه واسمه ،بعائلته ومكان اقامته ، بممتلكاته وحساب البنك خاصته ،بهواياته ومواهبه ، بثقافته ورغباته ،بشهاداته ، بانتمائه القومي ، العرقي والمذهبي الخ .. وفي هذه الحالة هو مدرك انه في لحظة ما سيفقد كل شيء ،والقلق والخوف والحزن مركبات نفسية طبيعية في هذه الحالة ازاء ما سيؤول اليه ، فان لم ينتبه لحاله فهو يعيش كنائم ، وهو وضع معظم الناس ..
غير ان ذات الانسان الحقيقية ليس شيء من تلك العناصر التي تشكل وجوده وهويته ، ولا علاج لمشاكل القلق والحزن والخوف ازاء المصير ، الا اذا ادرك الانسان وجوده الحقيقي خلف تلك الهوية الظاهرة ،  باعتباره جوهر حي مطلق غير قابل للتغير والفساد في ذاته .. وفي الحقيقة ان الوعي بماهية الذات يشكل منطلقاً ليس فقط للراحة النفسية الفردية ازاء المصير ، بل لحل الاشكالات المعرفية من جهة ، ومن جهة اخرى لمواجهة الصراعات والعقد الاجتماعية والدينية وتجاوزها .. 
 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق