يوم أورشليم، يوم حداد ترجمة: أمين خير الدين
2016-06-09 10:45:19
يوم أورشليم، يوم حداد جدعون ليفي هآرتس 2016/6/5 ترجمة: أمين خير الدين  
    سيأتي يوم ويتحول يوم أورشليم إلى يوم حداد، وتنكّس الأعلام، وتولول الصفارات ويقف الإسرائيليون وقفة حداد لذكرى الحلم الذي تبخّر. سيدخل يوم 28 أيار ( العبري – المترجم) قائمة أيام الحداد لشعب إسرائيل. بين يوم الذكرى ويوم التاسع من آب. يوم خراب الحلم، قبل يوم خراب الهيكل، سيذكر الإسرائيليون بيوم أورشليم  نهاية 19 سنة من البساطة القصيرة، وبداية عهد الظلم المنظم والممنهج لدولتهم. لن يستوعبوا كيف تجرؤوا على الاحتفال، على مدى سنين، بيوم احتلال كيوم عيد وطني، مثبت بقانون، وكيف سيرون بأورشليم مدينة تمثل طغيان دولتهم وعنصريّتها، أكثر من أيّ سيء آخر، عندما يحدث هذا، إذا حدث، ندرك حينها: أن المجتمع عوفي، وشُفي من مرض مُسْتَعصٍ.
 
  فقط جزء صغير من الإسرائيليين يحتفل  اليوم بيوم أورشليم. هذا اليوم لا يعني شيئا للأغلبية من العلمانيين، أو الحريديم، ولا العرب – أغلبية الإسرائيليين. وحتى عروسة الفرح لا تهمّ  أغلبية الإسرائيليين: متى زرتموها آخر مرة؟ متى زرتم حائط المبكى؟ ولماذا تزوروه؟ كان العيد، ولا زال عيد المتطرفين المتدينين، أقلية مستقوية  ومُزْعِجَة،  يحتفلون به بطريقتهم – التي تميّزهم: يحتفلون بعيد اورشليم الواحدة – احتفال الشماتة،  بمسيرة أعلام  تنطلق من فرحة  تدوس بقايا كرامة شعب آخر، أورشليم له هو أيضا.  
 
  مدينة فقيرة، وغير نظيفة، تعاني الإهمال بسبب خطوط الهيكلة المتطرفة، يهجرها اليهود العلمانيون، ويتمسك بها الفلسطينيون واليهود المتدينون بقواهم البسيطة، بينما يسيطر عليها المتدينون المتعصبون، المتطرفون. مدينة ترسل ذيول المستوطنين لكل حي فلسطيني، لينكّدوا، وليسلبوا، وليقمعوا، وليطردوا ما استطاعوا. وذلك تحت حماية السلطات، بما فيهم السلطة القضائية المتنوّرة من بين السلطات الإسرائيلية. مدينة بقوميتين، كان يمكن أن تكون نموذجا للتعايش المشترك، في دولة ديمقراطية واحدة، كوحي أُرْسل لإرساء عدل نسبي، لكنها تحوّلت بفعل شهوة تملّك العقارات، والمسيحانيّة الإسرائيلية إلى مصدر للسلب، والاستقواء والغطرسة الإسرائيلية.
  يوم تحرير" هذه المدينة الفظيعة، هو يوم احتلالها، أليوم الذي حولها إلى اخطبوط  مخيف من الباطون، وإله للاحتلال – من المفروض أن نحتفل بهذا اليوم  حسب القانون، ولا اعتراض لأحد  من أية جهة كانت.
 
  أحببتها بشبابي، وأيضا في فترات الاسترخاء القصيرة، بعد احتفالات المجون سنة 67، التي اجتاحتنا جميعا.أ ُخِذْنا بجمالها الفتان. حينها كنا نعتقد أن المدينة  "حُرِّرت" و"توحّدت" للأبد، وأن التقدمي تيدي كولك  هو مُحتل  مثقف، كما علّمونا.
 
    سرعان ما شُوِّه جمالها، وأُفْسِد حتى لم تعد  تُعْرف، لم يبق شيء، وكان الوعي الذي لا بُدّ منه، فقط العميان والمُتعامون  يتمتعون بها اليوم: من يتمتع بزيارة مدينة  كل حجر فيها يصرخ من الاحتلال؟ الجنود بأحذيتهم الثقيلة في كل زاوية منها، والعنصرية والتطرف في كل حي، مع فريق كرة القدم الأكثر عنصرية بين فرق الدوري، ورئيس بلدية الأكثر تطرّفا من بين رؤساء  الحكم المحلي – اثناهما ليس بالصدفة – تحولت أورشليم لرمز للاحتلال، للبيّنة الأكثر إثباتا للتفرقة، مدينة – 37% من سكانها فلسطينيون، كان من المفروض أن يتمتعوا بمساواة في الحقوق،  إننا نسلبهم ونقهرهم في كل المجالات، ليس بالصدفة أن تولد فيها مقاومة الأفراد اليائسة، الانتفاضة الثالثة.
    كان يمكن أن يكون غير ذلك، لو اعترفت إسرائيل أن الفلسطينيين متساوون كاليهود، وان الشعب الفلسطيني متساو في الحقوق في المدينة، كان عندنا اليوم أورشليم أخرى، وأيضا إسرائيل أخرى، لكن إسرائيل لم تتغلب على طبعها. في مثل هذا اليوم، قبل 49 سنة احتلت جزءا من المدينة، ومنذ ذلك الحين، عملت كل ما في استطاعتها لتحويلها إلى مدينة أشلاء من الأخلاق.
 
 ولهذا سنحزن يوما ما، على يوم أورشليم.  
    
 2016/6/6 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق