الدولة أداة تسلّط بقلم راضي كرينّي
2016-06-22 09:56:15
الدولة أداة تسلّط بقلم راضي كرينّي
يذكّرني النقاش حول الدولة والمواطنة برجل جاء إلى "أبو نوّاس" ليفتيه في أمر يشغل باله؛ فقال ابو نوّاس: قُل ما هذا الأمر حتّى أفتيك به؟
فقال الرجل: ما هو الأفضل، المشي امام الجنازة أم خلفها؟
فقال أبو نوّاس: لا تكن في النعش، وسر كيفما شئت.
وفي إسرائيل، ليس المهمّ، إن كنت عربيًّا مضطهَدا قوميّا وطبقيّا، أو يهوديّا مضطهَدا طبقيّا، المهمّ أن لا تكون شريكا للّصوص، وللمضطهِدين... ليس كلّ العرب مضطهَدين، وليس كلّ اليهود مستغِلّين، ولو كانوا مضلّلين.
لم تنشأ الدولة كأداة تحرّر سياسيّ، كذلك دولة إسرائيل؛ فهي لا تعتمد على نفوذ شخصيّ أو ندوة أو اجتماع أو ...؛ بل على نفوذ القوّة السياسيّة ... فدولة إسرائيل أداة لحماية نظام استغلاليّ قمعيّ،كأيّ دولة رأسماليّة، بما يخدم الاستغلال، وأداة تسلَّط في أيدي ممثّلي الطبقة الحاكمة لزيادة أرباحها؛ فبيبي نتنياهو لا يبيع عمله وقوّته الذاتيّة (العقلية، أو الجسمانيّة، أو النفسيّة، أو ...) ليشتري قوت يومه، وبوظة بطعم الفستق ... للطبقة الرأسماليّة الحاكمة في إسرائيل نفوذ كبير، وأجهزة إداريّة (من جيش وشرطة و...) تعمل على حماية النظام ورأسماله والدفاع عنه، وتساعده في إحكام سيطرته على الموارد الماديّة، وفي إملاء إرادته على الآخرين ... نظام الدولة الإسرائيليّة يختلق العداء والأزمات والصراعات الطائفيّة، والدينيّة، والقوميّة، ويؤجّج كلّ نزعة ممكن أن تغطّي على الصراع الطبقيّ، ويُقصيه إلى أبعد الحدود، فتشتّت القوى المستغَلّة، من القوميّتين، يسهّل عليه الاستغلال.
إن كان بيبي نتنياهو يتصّرف كزعيم قبيلة أو سبط من أسباط إسرائيل؛ فهذا ليس مبرّرا لكي نقبل بأن يصبح بعض المتموّلين العرب (الذين يشاركون اللص في السرقة) والسياسيّين العرب مخاتيرَ على قرانا ومدننا العربيّة!
على القيادات السياسيّة االتقدميّة أن تعي أنّ المسألة الفلسطينيّة ليست مسألة قوميّة فحسب، ولو غُلّفت بجدارة وبحقّ بشعار: حقّ تقرير المصير للشعب الفلسطينيّ؛ مسألتنا هي مسألة قوميّة استعماريّة؛ فالصهيونيّة أجادت، وما زالت تجيد، استخدام سياسة "فرّق تسد"، وخنق كلّ تطوّر قوميّ للشعب الفلسطينيّ يؤدّي إلى تحرّر سياسيّ واجتماعيّ وأيضا اقتصاديّ (لكن ما شاء الله أصبح عندنا العديد من الرأسماليّين العرب شركاء للصهيونيّة في مشاريعها)، والتحرّر السياسيّ لن يكون إلاّ وطنيّا أمميّا، يطالب بالمساواة التامّة في الحقوق، وينبذ كلّ امتياز قوميّ يشتّت الحقّ في تقرير المصير.
على القوى التقدميّة أن توحّد المضطهَدين، بصرف النظر عن الانتماء القوميّ، والسعي لحلّ المسألة القوميّة، كجزء من تحطيم نظام الاضطهاد والتعصّب القوميّ، والتخلّص من سياسة المستغّلّين وأفكارهم ومشاريعهم.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير