الملحدون اقرب الى الكشف عن الحقيقة من الغيبيون بقلم كميل فياض
2016-06-23 13:11:08
الملحدون اقرب الى الكشف عن الحقيقة من الغيبيون :
 
هناك صورتين للإنسان : صورة ثابتة حية في ذاتها ازلية ، وصورة متغيرة مركبة زمنية .. وقبل التفصيل ، يجب التنويه الى اشكالية استخدام الكلمات والمصطلحات وتأثيرها البسكلوجي في الوعي ، حيث من إيحاءاتها الحرفية والصوتية تتشكل هويات معرفية وهمية بالتوافق او عدم التوافق مع المكتسبات المعرفية والعقائدية السابقة السائدة في وعي المتلقي ..
 فكلمة الله عند المسلم – مثلاً - غيرها عند اليهودي ، غيرها عند الهندوسي ، غيرها عند المسيحي الخ، وهناك مئات آلاف من الآلهة لمختلف طوائف العالم وهي مجرد تصورات عقائدية ايمانية من خلق النفوس ..
وهذه الإشراكات والاختلافات  تنسحب على كل المصطلحات الدينية الأخرى ، من مفاهيم عدل وخير وسعادة الخ..
 ومن هنا تنبع الدعوة الى عدم الوقوف عند النصوص ، وعند الكلمات والمصطلحات ، بل تجاوزها الى المعنى المقصود .
 
وهناك معان تضيق بها العبارات ، وهناك اخرى لا تمسها ابداً ولا تعبر عنها من اي وجه .. واذ القول ان هناك صورتين للإنسان ، كان بالإمكان القول : هناك مبدئين او اقنومين او عنصرين الخ، وكلها لا تفي بالمعنى وبماهيته ، عليه لا ينبغي أخذ الكلمات  بحرفيتها .
 
فللإنسان اذن صورتين : ازلية غير قابلة للتغير والتفكك والفساد، واخرى عرضية متغيرة متفككة ، ولهذه الصورة تجليين ، احدهما نفسي ذهني عقلي ،ارادي ، لا ارادي باطني . والآخر حسي بيلوجي طبيعي ظاهري  .. وحديثنا هنا عن هذه الصورة اذ لا مجال للحديث عن الخلفية الازلية فهي فوق اي كلام ، وعلى قدر فهمنا لهذه الصورة ،وعلى قدر التنبه الى ضرورة تجاوزها بسبب المعاناة التي يفرزها ارتباط وجودنا معها، نقترب من الكشف عن الازلي القائم خلفها .
 
وهناك صفة تراكمية مرتبطة بهذه الصورة لا بد من الكشف عنها وذلك من خلال الهدؤ والسكونية والتمييز الواعي الداخلي ..  ونحن لا ننفك عن الاضافة في بناء تلك الصورة كل لحظة ، وكل فكرة كل هاجس كل رغبة كل عمل كل تصور كل تصرف ، يدخل كمادة اضافية في بناء هذه الصورة ، وعليه نحن نتاج الماضي ، وما نقوم به في الحاضر سنحصده في المستقبل .. والغاية لكل خياراتنا في النهاية الكشف عن الازلي ، والمهمة العرفانية الاجتماعية هي التنوير في هذا الاتجاه ، حيث في تلك الكينونة تكمن ذاتيتنا وهويتنا الحقيقية ، وفيها كل ما نحتاج من الاستقرار والراحة والسعادة والجمال ، ففيها هذه الأمور باقية ببقاء الازلي، واما الخير والجمال والراحة والفرح في العالم ، عرضيات وظرفيات زائلة ، وهي سعادة الجهلاء والحمقى المتعلقين بالأماني وبالآمال الكاذبة الوهمية – سواء دينية ودنيوية -.
 
والعوائق الاشد لبلوغ الذات، هو الانتماء الى افكار مقدسة نهائية عن الوجود ، لا تقبل النقد والفحص والنظر من قبل اصحابها ، اذ آمنوا ان لها اخصاء وهم وحدهم الموكلون بها وبأسرارها، كأنبياء ورسل وملائكة وما شابه ، فهم متغربون ابداً عن ذواتهم منفصلون عن حقيقة الوجود ، وقد يمتد هذا الحال لدى المؤمنين طالما هناك عالم .. والملحدون والكفار اقرب الى الكشف عن الحقيقة من هؤلاء ، اذ ان وعيهم غير مسجون في غيب مطلق مقدس، بل مغلف بانعكاسات عالمهم النسبي، ومفاهيمهم فيه نسبية قابلة للأخذ والرد والتطور الجدلي باتجاه الكشف عن الحضور ..
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق