ما بَينَ الإعْلام وَالسّياسَة! بقلم:أزهار أبو الخير- شَعبان.عَكّا
2016-07-13 08:56:07
القرار السّياسي المُتطرّف الذي تملؤهُ الضّغينة الذي صَدَر مِن المَحكمَة بحَق قناة مُساواة وَينصّ عَلى إغلاقها هوَ قرار تعسّفي يكشفُ وَجه الدّولة العُنصري وَالحقيقي الذي تجمّلهُ دائما بتبرّج كاذِب أمام المُواطن العَرَبي خاصّة وَأمام الجَميع عامّة!
وَزير الأمن الدّاخلي جلعاد أردان وزير الأمن!! هُو مَن أمرَ وَوقّع عَلى إغلاقها! هَل لهذا الحَد الصّحافة تُهدّد الأمن في الدولة؟؟!! عَجبًا حَقا وَكأن المُواطنين يَعيشون بكل أمن وَأمان وَجاءت هذهِ القناة لتزعزع أمنهُم!!
نُدرك جَميعًا أنّ الصّحافة هيَ الوَرقة المُهمّة وَالرّابحة التي تلعبُ بها الدّولة فالصّحافة مُسَيّسَة بكل مَعنى الكلمة وَتمشي عَلى خُطى ما تنصّهُ الدّولة سِواء كانَ عُنصريًا أو لا, المُهم أنهُ في نهاية الأمر يَصُب في مَصلحتها لا أكثر حَتّى لو كانَ عَلى حِساب الآخر.
إن الصّحافة هِي المِهنة التي يَجبُ أن تحمل بَين ثناياها الحُريّة الحَقيقيّة مَعَها أينما تنقلت وَلطالما تَمنّينا أن تملكَ النّزاهة بكلتا يَديها لتوصلَ الحَقائق وَفقط الحقائق للنّاس أجمَع عَلى حَد سِواء بَعيدًا عَن التضليل.
مَع الأسف فأننا هُنا عَلى هذهِ الأرض نَجدُ الأغلبيّة السَاحقة مِن الصّحافيّين وَالإعلاميّين تُرْسَمُ لهُم الخطوات وَالكلمات وَالآراء ليَمشوا عَلى خُطا المَسيرَة المُزيّفة وَالكاذبة التي تُحيكها الدّولة مِن خلال إعلامها.
تلعبُ الدّولة عَلى حِبال صَحافتها لعبًا ليسَ خفيّا إنما واضحًا وَظاهرًا جدًا لمن يُريد الرّؤية بحَق فهي تُصنّف كل ما هُوَ إيجابي وَسَلبي بحَسَب مَفاهيمها فقط وَتجسّد الأخبار دائمًا لصالحها.
بحيثُ أنها تُجمّل لنا ما تريدنا هي أن نستوعبهُ وَتشوّه لنا ما ليسَ مِن مَصلحتها أن ندركهُ مَثلا مِن خلِال تلكَ الشّاشة الصّغيرة أن الآثيوبييّن هُم فقط مُجرمين وَأصحاب مُظاهرات وَأوباء! مُبتعدة عَن كونِهم نازحين أو لاجئين أو أيا كانت تسميَتهم وَمُتجاهلة أيضًا أنّها هِيَ مَن فتحَت الأبواب لهُم بهذا النّزوح بحَسَب القانون! فلماذا تستوعبهم إذًا إذا لم تعِي ما يُمكنها فعلهُ مَعَهم أصلاً! كذلكَ الأمْر في المُجتمع العَربي فالصّحافة الإسرائيلية تصوّر دائمًا العَرَب عَلى أنّهم هُم أصحاب الحَوادث وَالقتل وَالعُنف وَالسّرقة هذا مَوجود في مُجتمعنا العَربي لا جدال في ذلك وَبكثرة أيضًا وَلكن هذا لا يَعني أنّ المُجتمع اليَهودي يَحملُ شَهادة الملائكة وَالأمن وَالأمان! فلديهم أيضًا سَرقات وَإهمال وَقتل وَعُنف وَحَوداث وَكوارث عَظيمَة لم تنتقل بَين الأخبار وَلم تلقى رَواجًا كبيرًا في الإعلام كما حالُ الأخبار في المُجتمع العَربي وَذلكَ بحَسَب رَأيي رُبّما لكيَ يَظهر المُجتمَع اليَهودي راقيًا أكثر مِن خلال هذهِ الواجهَة الكاذبة.
حَتّى في الصّراع الأزلي بَين الجانِب الإسرائيلي وَالفلسطيني تُركّز لنا الصّحافة الإسرائيليّة علَى الجانِب الإسرائيلي فقط وتنقلُ لنا صورَة عَلى أنهم ضَحايا لإنتهاكات وَطعنات وَأعمال إرهابيّة وَغيرها بَينما لا تُسلط الضّوء عَلى الجانب الآخر المُنتهك وَالمَنهوب وَالذي تُسرق حُقوقهُ وَتدمّر بُيوتهُ وَيُشرّد أهلهُ وَيُقتل أطفالهُ عَلى مَدار السّنوات حَتى يَومنا هذا!
هَذهِ حَفنة بَسيطة جدًا مِن الأخبار الهائلة التي تُبثّ لنا بنفس الطريقة, هذا هُو سِلاح الدَولة الفتاك لنقل الأشياء المَغلوطة للمُواطنين أجمع عَلى حَد سواء بحَيث أنها تكسَب عاطِفة الجُمهور لما تبثهُ وبهذا تحصلُ عَلى التأييد المُجتمعي الخاطِئ لمَفاهيمِها وَعُنصريّتها.
مِن أبسط الحُقوق أن يكون هُناك للمُجتمع العَربي وَليسَ للوَسَط العَرَبي كما نُردّدُ دائمًا فنحنُ لسْنا وَسَط!! نحنُ مُجتمع كامِل إنّ مِن أبسط حُقوقنا كمُجتمع أن يَكون لنا مَنبرًا خاص يُعبّر عَن آرائنا وَهُمومنا وَمَشاكلنا وَمُعاناتنا حَتى وَكذلك أفراحَنا وَإنجازاتنا هذا الحَق البَسيط تراهُ الدّولة عَلى أنهُ خطر عَظيم يُهدّد الأمن وَيُهدّد سيادة الدّولة وَتتعامل معهُ بشكل عُنصري دائم!
وَهُنا سَوف أعودُ لقناة مُساواة التي أصدرَ بحَقها أمر إغلاق وَمَنع بَثّ, فقط لأنه يَتم تمويلها مِن السّلطة الفلسطينيّة قُرّرَّ إغلاقها!
لما لا تُدعَمُ هذهِ القناة مِن الدّولة التي تقطنُ فيها وَتُبث مِن أراضيها؟؟ لما لا يَتم تَمويلها مِن الدّاخل؟
سُؤال بَسيط وَجَواب صَريح وَبسيط أيضًا لأنّ أفكار القناة عَلى ما يَبدو لا تُوافق أفكار الدّولة وَلا تَحني القبّعة التي يَحنيها الكثير مِن الإعلاميّين المُنافقين! وَلكن الغَريب في الأمر أنّ مُساواة لا تُعادي الدّولة أيضًا بأفكارها فلما كلّ هذهِ العُنصريّة إذًا؟؟
لو لم يَكن للدّولة نيّة أيّ عُنصريّة اتجاه أيّ رَأي مُغاير لها لقامَت بتَمويل هذهِ القناة عِوضًا مِن تَمويلها مِن الجانِب الفلسطيني وَلكن هذا أكبر إثبات أنّ مَن يُواليها فكريًا وَسياسيًا سَيَحظى بالدّعم وَمَن سَيَحيدُ عَن خُططها سَيَنتهي الأمر بهِ بإغلاق مَصدَر رزقه وَهُوَ العامِل الأهم في حَياة المُواطِن العَرَبي!
يَجبُ عَلى جَميع الإعلامييّن الذينَ لا زالوا يَتَمسّكون بقليل مِن النّزاهة أن يَقفوا وَقفة رَجل واحِد في وَجه هذهِ المِحَن تاركينَ اختلاف الآراء وَالثقافات وَرائهُم كما فعلَ الدّكتور أمل جمّال مِن مَركز إعلام.
يَجب شَجب مِثل هذهِ القرارات السّياسيّة العُنصريّة الإضطهاديّة لئلا تتفاقم وَتبدأ بالإزدياد والإنتشار كفانا مَصائِبا وَإسْتغفالا لمُجتمعنا.
رُغم كلّ ذلكَ إلا أنهُ عِندما تكون الأحلام حُدودها هُوَ السّماء فقط! لن يَستطيع أحَد عَلى أن يُنزلها مِن عُلاها!
إن أغلقت مُساواة أو غَيرها هذا لا يَعني أن تُكتم الأفواه أو تَنصَهر الآراء أو تُنتهك الأفكار بَل عَلى العَكس هُنا تتضّح العَزيمَة فكلّ شَيء يَقصدون هَدمهُ بنا سَيَجدونَ مَكانهُ أمَل جَديد لبناء جَديد في حِلة جَديدَة!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير