العبودية والحرية بقلم كميل فياض
2016-07-14 14:46:49
العبودية ليس فقط سلاسل وقيود في الايدي والاقدام ، بل هي كل ما نقوم به مُكرهين او معلقين عليه آمالاً شخصية  – سواء كان هذا العمل مفروض علينا من سوانا ، او من انفسنا -  نحن لا ننتبه الى اننا مُجبَرين من قبل انفسنا على القيام بأفعال معينة ونحسبها اختياراً حراً .. لكن في الواقع معظم افعالنا التي نكررها – والتي نعتبرها بسيطة كالكتابة يوميًا على الفيسبك مثلاً ، هي قيود واشراطات نفسية وذهنية ، وستتأكد انك رهينة لعادة ربما اصبحت فارغة من المضمون ومن المغزى ، اذا حاولت مقاطعتها والتوقف عنها ، وسيظهر ما كان في نظرك اختياراً انما هو اجباراً ، وما حسبته بسيطاً وعادياً ،هو مشكلة   غير سهلة .. 
وفي الحقيقة ان هذه الحركة التي نخضع لها وتجترنا بأشكال مختلفة من التعبير المجرد ، هي ذاتنا التي اخترعناها من تصوراتنا ، وليس ذاتنا الحقيقي ، والابسورد ان ذاتنا الحقيقي غير قابل للتحقيق اكثر مما هو ، وهو ليس بحاجة الى اي فعل نظري او حسي كي يكون ، فهو فوق الارادي واللاارادي وهو لا شكلي، هو كامل وحسب ، في حين ان ذاتنا التصوري والشعوري والذهني ، الذي نشكله داخل الوعي على الدوام عن طريق التفكير ، هو ايضًا غير قابل للتحقيق ،اذ هو فقط  تشكيل رمزي مهما منحناه معنى وجودياً ، ولذلك هو في حركة شبه عدمية لا تثمر اي اكتفاء حقيقي .. 
ان غير المستنير يحسب هذا التشكيل الذهني والعاطفي هو ذاته الحقيقي ، وهو اشبه بحلم نمنحه هويتنا الذاتية دون وعي بجوهرنا القائم خلفه ، كقيام نور الشمس الثابتة خلف ضوء القمر المتحول بين نقص واكتمال مما ليس منه وليس له.. 
ان مصدر جميع القيم في ذاتنا الحقيقي ، الجمال الذي نراه في الاشياء هو جمالنا ، ولو لم يكن الجمال صفة ذاتية فينا لما رأيناه في الخارج في الموضوعات والاشخاص ..
والدليل الى ان الجمال صفة ذاتية توافق رؤيتنا جميعًا واستمتاعنا جميعًا عند مشاهدته ، رغم تفاوت مظاهرنا ووجوهنا واجسامنا في درجات الجمال ، كذلك الحق صفة ذاتية ، ونعرف الحق بالحق الذي فينا .. لو لم تكن ماهية صفات الافعال والاشياء الخارجية فينا لما ادركناها ولما استطعنا تمييزها وتقييمها في الخارج ، واذا وجدت بدرجات نسبية في الاشياء ، فهي توجد بصورة مطلقة فينا ، والدليل اننا نرتقي بصنع الجمال و باكتشافه بصورة لا متناهية .. وفي النهاية ننتبه الى ان جميعنا انما يقصد ذاته من وراء اي فعل يقوم به ، من المجرم وحتى القديس ..
 الشخص الذي يقتل ويسرق ويتاجر بالمخدرات او يتعاطى المخدرات وسواها هو يطلب ذاته الحقيقي ، كذلك الشخص الذي يخدم عائلته من الطرق السوية ، كذلك الذي يخدم مجتمعه بصدق واخلاص انما هو يقصد ذاته الحقيقي .. الذي يعتزل ويتأمل يطلب ذاته عن طريق ذاته ، واما الناشطين في حومة المجتمع ، يطلبون ذاتهم بغيرهم ، وفي الحقيقة كلما تطور الوعي فينا وتفتح باتجاه الذات ، ندرك ان غايتنا في الذات بلا غيار ولا غيرية من الذات ، على ان يكون الذات الحقيقي الذي يشمل الكل فيه ، وليس الذات المخلوق بالتفكير والتصورات والتراكمات التاريخية والبيئية وتأثيراتها المختلفة ، فهذا هو الانا الزمني الأدنى والوهمي الذي به نشقى .. 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق