الأربعون حرامي بقلم إياس يوسف ناصر
2016-07-29 18:50:39
وطني... قمْ غسِّلْ يديكَ أمامي
من قطيعِ الأمعازِ والأغنامِ!
وطني... كيف صرتَ حزنًا جميلًا؟!
وشهابًا محنَّطًا في الظّلامِ؟!
وطني... كيف صرتَ كنزَ "علي بابا"
وياقوتَ "الأربعينَ حرامي"؟!
لو رَشَشْنا عليهمُ ألفَ دلوٍ
ما استفاقوا.. ككومةٍ من عظامِ
لو نظرْنا إليهمُ ما عَجِبنا
من قبورٍ تمشي على الأقدامِ!
لم يجيدوا إلا الخطابةَ فينا
والتجلّي في مسرحِ الإعلامِ
فَتَحوا للمديحِ فيهم مزادًا
فتهاوتْ عناكبُ الأقلامِ!
حوّلونا غنائمًا من دموعٍ
واستلذّوا الهجوعَ فوق الحطامِ
حوّلوا الأرضَ.. حارةً وزقاقًا
لانتفاعِ الأخوالِ والأعمامِ!
أيُّ غفرانٍ نافعٌ يا مَعرِّي؟!
قمْ وسجِّلْ.. رسالةَ الأصنامِ!
سقطتْ عنهم ورْقةُ التّوتِ.. لكنْ
قد تباهوا بالكذْبِ.. دون احتشامِ
قد شَبِعْنا منهم... فَجُعْنا طويلًا
رُبَّ جوعٍ يَكونُ بالإتخامِ!
نحن جوعى.. جوعى.. وهم مُطْعِمونا
أطيبَ الخبزِ من صواني الكلامِ
نحن غرقى.. غرقى.. وهم مُنقِذونا
إذ يمدّونَ قشّةَ الأوهامِ
نحن جرحى.. جرحى.. وهم مُسعِفونا
بشعاراتِ البنجِ والأحلامِ!
***
وطني... عذرًا إن قسوتُ كثيرًا!
كذبةٌ أن نحبَّ دونَ ملامِ
وطني... يا طفولتي.. يا شبابي
يا حنينًا مُعتَّقًا في عظامي!
كم قطفتُ النّجومَ فيكَ صغيرًا
في الجليلِ المدلَّلِ الأنسامِ
كم رأيتُ النّدى.. يُطلُّ علينا
من جبينِ الفلّاحِ في الأتلامِ!
كلُّ صفصافةٍ هنا.. إذ أراها
حمَّلَتْني للأهلِ... ألفَ سلامِ
تلك حيفا... حوريّةٌ قد تراءتْ
في عيونِ العُشّاقِ.. لا في المنامِ!
كيف عكّا... تَزورُني من بعيدٍ
مثلَ طيفٍ.. لعاشقٍ مُستهامِ؟!
كيف يافا... في بيتِها استقبلتْني؟!
والمفاتيحُ لم تزلْ في الخيامِ؟!
وطني... يا محارةَ الحبِّ والدّمعِ
ويا غصنًا جائعًا للحمامِ
كن بخيرٍ... فلا المكانُ مكانٌ
إنّما الأرضُ.. موطئُ الأقدامِ!
وثراءُ الإنسانِ.. أنّه يغدو
وطنًا في الدّنيا لكلِّ الأنامِ!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير