لا تطمع في حصد ما لم تزرع .بقلم: الدكتور نجيب صعب – أبو سنان
2016-08-25 07:36:04
كثيرا ما يسمع المرء هنا وهناك ان فلانا طماع , ويطمع في كل شيئ , ويمكن ان يقال هذا الكلام في بعض الاحيان ايضا لغاية مقصودة , وربما قد يكون من باب الحسد او الكراهية او الضغينة وفي احيان معينة يكون نابعا من الغيرة او من اي باب اخر يمكن للمرء ان يقرنه به .
والحقيقة انه اذا امعن الناس النظر في الحياة اليومية وفي التفاعلات الاجتماعية المختلفة , وفي دروب عديدة في هذه الحياة ربما يدركون بدون تخصيص او تحديد ان الطمع يحتل مرتبة مرموقة في صفوف المجتمع , ذلك لاسباب عديدة ومتنوعة وقد تكون متناقضة في كثير من الاحيان , يمكنها ان تكون صادقة او يكون قسما منها بدون مصداقية , وكذلك الحال بالنسبة لمن يتكلم عن الطمع بقصد او بغير قصد .
وهنا يترتب وضع النقاط على الحروف , واعطاء كل انسان حقه دون التجني عليه او نعته بانه طماع , فاذا كان الانسان طماعا في عمل الخير وبمساعدة الاخرين , ودعمهم , ويبادر الى التطوع في دروب حياتية مختلفة , او انه يطمع في تربية الاصدقاء ويحرص على صداقة في كل ناحية او قرية او مدينة او اي مكان اخر , او انه يطمع باسداء الفضيلة وتقديمها , ويطمع في الانجاز والبناء والتقدم والتطور على طريق حياته , هذا الانسان وامثاله يستحقون كل تقدير وكل تشجيع وكل احترام , لانهم وامثالهم يعتبرون ذخرا وسندا للمجتمع , ويشكلون عناصر فعالة وبناءة من اجل الصالح العام حتى ولو كانوا انفسهم يجنون بعض الفائدة , او الكرامة , كما انه يترتب على المجتمع بمختلف نواحيه ان يجل هؤلاء وغيرهم ويفضلهم في احيان كثيرة .
وهناك ايضا نفر من الناس يطمعون في الرقي عن طريق الكد والجد , عن طريق التفاني في سبيل الحق والنواهي الدينية ولا يهم من اي طائفة او مذهب كانوا , ويطمعون في التوجيه والارشاد ونشر الفضيلة وخاصة لدى الناشئة , كل هذا بدون اهداف خاصة او مصالح محدودة, وانما من اجل الاتجاه نحو الافضل , ومن اجل التربية والتفاعل بالطرق الاحسن , هؤلاء ايضا هم من ركائز المجتمع الراسخة وتستوجب محبتهم وكذلك يستوجب دعمهم وتشجيعهم في كل آن .
ولا يخفى على احد ان المجتمع يحتضن في صفوفه اناسا اخرين , اناس من نوع اخر , يمقتهم المجتمع ويؤمنون وبكل صدق حسب رأيهم طبعا بالطمع ولا يهم من اي مصدر , فتراهم يطمعون في اموال الاخرين , يطمعون في الذم والنيل من افراد او مجموعات من الناس ... لماذا ؟؟ فقط لانهم يطمعون برزقهم او بثروتهم او بمالهم , ويقودهم طمعهم في بعض الاحيان الى السرقة , الى ترتيب وتشكيل هيئة من امثالهم للسرقة او السطو على افراد او مؤسسات او هيئات شعبية , هي بامس الحاجة الى الدعم في غالب الاحيان , امثال هؤلاء كثيرون , وطرق اطماعهم البشعة متعددة كالتي ذكرت وغيرها , ولا شك ان كل عاقل وكل صاحب ضمير حي يدرك كل الادراك ويعي كل الوعي بان امثال هؤلاء , يشكلون وبدون ريب عبئا ثقيلا على الجمهور , وعالة على ذويهم وعلى مجتمعهم , ويشكلون كذلك خطرا على المحيطين القريب والبعيد من تفشي هذه الظواهر السلبية .
فلماذا ايها الطماعون من هذا الصنف ؟ لماذا تطمعون بحصد ما لم تزرعوا ؟ لماذا لا تحاولوا الجني والعمل بشكل محترم ومشرف وتسهرون الليالي الطوال وتتحملون المسؤوليات الخاصة بكم وبعائلاتكم , وتعملون على صيانة كيانكم وكيان عائلاتكم ؟؟
ولماذا تطمعون في الامور التي لا صلة لكم فيها ؟ ولماذا تريدون ان تعتاشوا على حساب الاخرين ؟ ان كانوا اخوتكم او اصدقائكم او جيرانكم او غيرهم ؟ لماذا تقومون بذلك وانتم تعلمون علم اليقين ان مثل هذه الاطماع ومثل هذا السلوك يحط من منزلتكم ويجعلكم في منظار اخر ؟ لماذا لا تقلعوا عن الكسل وتستبدلونه بالنشاط وبالعصامية وبالمسؤولية ؟ لماذا لا تقومون في الصباح وتبدأون يومكم او نهاركم متفائلين , واضعين نصب اعينكم العمل الجاد والمحترم والصحيح من اجل الحياة الافضل , من اجل اطفالكم وعائلاتكم , ومن ثم من اجل سمعتكم انتم بالذات ؟ ولماذا لا تساهمون انتم بانفسكم بالايجابيات وتقاومون السلبيات ؟ .... هذه الاسئلة وغيرها تنتظر اجوبة سريعة , واذا فعلتم كذلك تكونون محط الانظار ايجابيا وليس سلبيا .
الامثلة كثيرة والاسئلة ولا تحصى , والاهم من ذلك ليس عدد الاسئلة ونوعيتها , وانما مدى ادراك معناها والاجابة عليها بالشكل المسؤول والصريح والموضوعي .
واخيرا من الافضل والاجدر بالانسان ايا كان , ان يتبع طرق التقدم والانجاز والتطور بجدارة وباستحقاق , وبنهج لائق ومشرف , وان يعتق من باله ومن افكاره الطمع في حصد ما لم يزرع لانه ليس بهذه الطرق تبنى الامم والمجتمعات .
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير