بالسوط لا تضرب الآراء بقلم: الدكتور نجيب صعب – أبو سنان
2016-09-22 09:55:39
بالسوط لا تضرب الآراء  بقلم: الدكتور نجيب صعب – أبو سنان
 
منذ الازل وعلى مر العصور الغابرة قرأنا وقرأ غيرنا واناس كثيرون وعرفوا ان السوط يستعمل ويستغل للضرب من قبل الاسياد ضد العبيد في العصور المنصرمة , وقد استغلت بعض الشعوب السوط ايضا لغايات واهداف عديدة ومتنوعة , اما لغرض سيطرة معينة او لبسط هيمنة معينة , او لاذلال هذا او ذاك زمن الثورات الاجتماعية والتحررية لاخمادها او تصفيتها وذلك ابتداء من فجر التاريخ ومرورا بالحكومات والدول والامارات والولايات , وخاصة من قبل هؤلاء المتسلطين القساه الذين لا يعرفون ربهم في كثير من الاحيان , او انهم اصحاب قلوب من جلمود ومن بطش لا يقدر , حتى ان نفرا من الملوك والحكام استعانوا بالجلادين الذين كانوا ينفذون مآرب اوليائهم وحكامهم بفرض النظام الملكي او الدكتاتوري  المستبد , ويمكننا الاستمرار في سرد وقائع من هذا القبيل دونما توقف ولوقت طويل ذلك لكثرتها والتي ذهبت ضحيتها جماعات وجماعات من بني البشر , ليس لذنب ارتكبوه او لخطيئة اقترفوها , وانما يكون ذلك لانهم كانوا يُسمعون رأيهم بصدق وامانة واخلاص , ولم يكن نصيبهم الافصاح والافصاح بشكل واضح وباستمرارية لاسباب تافهة موضوعية بل لانها ربما تكون معاكسة لهذا الفرد او ذاك من المستبدين المتسلطين او لذلك الظالم المستبد .
  واذا فكرنا قليلا لوجدنا ان اجراءات كالتي ذكرت والتي كانت قد اتخذت ضد اناس من نابع الشعور الصحيح ومن منطلق المسؤولية الاكيدة قد وضعت لهؤلاء الناس حدا وكبتوا او قتلوا واخمدت انفاسهم وكان السوط يقف بالمرصاد لهم .... وهكذا كانت تسد الحناجر وتنحبس الانفاس نتيجة للضغط وانعدام الامكانيات للوقوف بثبات من وراء اصحاب هذه الاراء, دعمهم وتأييدهم ومساندتهم . 
  الا اننا اذا تعمقنا في تفكيرنا هنيهة , لا بد الا ويتضح لنا وبكل وضوح ان اصحاب هذه الاراء قد قضوا امرهم بطرق عدة وفي كثير من الاحيان لا يعرف عنهم احد ولا عن مصيرهم , ولكن علينا الادراك جيدا والتيقن وبكل صدق ان الاراء لا يمكن ان تضرب بالسوط , واذا ضرب اصحابها وصابهم ما صابهم من الويلات , فلا يمكن ضرب آراءهم ولا باي شكل من الاشكال , لانها ستبقى حية على مر العصور والدهور حيث ان الرأي الحر والصريح لا يمكن له ان يموت . 
  وفي الواقع يجب ان يقال الرأي ايا كان مصدره , وايا كان صاحبه دون ريب او تردد , ودون تخوف او تحسب , لان الصراحة مهما لاقت من معاكسات فلا يمكن ان تتيتم يوما من الايام , ولا يمكن ان يصح في هذه الدنيا الا الصحيح !!! مهما طالت الايام وتبدلت الازمان . 
  فمهما كان الرأي مع فلان او ضد علان , بجانب هذا ومغايرا لذاك , ومهما كانت نوعيته يجب ان يقال , نعم يجب ان يقال وبكل جرأة , وبكل مسؤولية , وبدون ريب , لان قول الرأي في مكانه بحد ذاته وعي اجتماعي ورسالة سامية ويعتبر تفهما للواقع وللحياة حتى ولو كان مغايرا لرأي الاخرين . 
   وان كان الرأي مغايرا حقا فالطرق للوقوف من ورائه كثيرة ومتعددة ولا حصر لها ابدا , فعلى سبيل المثال صاحب هذا الرأي او ذاك ينبغي عليه دعم رأيه بكل ما اوتي من قوة , ومقارعة الحجة بالحجة واثبات صحة موقفه عن طريق الجدل , الجدل البناء , الجدل من خلال احترام متبادل , الجدل من خلال السماع والاسماع , الجدل ليس فقط من اجل الجدل, وانما الجدل من اجل الحوار الموضوعي والتفهم العميق لموضوع الجدل المنبثق عن رأي معين وبكل روح ديمقراطية اخوية بناءة, وليس ناتج عن اغراض شخصية ونوايا مبيتة قد تكون بعيدة كل البعد عن الموضوعية . 
  خلاصة القول , عليك ايها المرء اينما كنت وكيفما توجهت , ومهما تسنمت من مناصب على الصعيد المحلي, الاقليمي والقطري وفي كل مكان , اياك ان تفكر يوما من الايام ان كنت واعيا حقا بانه يمكن ضرب الاراء بالسوط او كسرها بالقوة لا والف لا ... نعم لان هذا امر ينطوي على مخاطر قد تتكدس يوما بعد يوم وقد تسفر عن نتائج لا تحمد عقباها , ومن الافضل ان تسمع الاراء بكل معانيها وتدرس وتناقش وربما تلاقي طريقها الى التنفيذ والاتباع او بالعكس ولكن ليس عن طريق السوط او عن طريق العنف او اللامبالاة او الرفض من اجل الرفض . 
  فبارك الله بالمجتمع الذي تسمع فيه الاراء صراحة , وتدرس موضوعيا وتناقش وبالتعاون وبالتفاهم يمكن تنفيذها بشكل جماعي , لان الموضوعية يجب ان تتغلب في احلك الظروف واحلاها من خلال وعي اجتماعي مبني على الديمقراطية الصحيحة وليس على الديمقراطية الاخرى , عندها يمكن ان تتظافر معظم الجهود وربما كلها وتؤدي الى النهوض نحو الافضل بتعاون بناء ونوايا سليمة وبجدية متناهية . 
 
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق