ناكرو النكبة ترجمة : أمين خير الدين
2016-09-24 16:51:42
ناكرو النكبة
جدعون ليفي
"هآرتس" 2016/9/22 ترجمة : أمين خير الدين
تعود ثانية حكومة إسرائيل لتؤكّد: إنه في سنة 1948 ارْتُكِبَت جرائم حرب، ومجازر، وتهجير، وتطهير عرقي – وحلّت نكبةٌ. كيف نعرف؟ تنوي الحكومة تمديد المنع على أحد الملفات المركزيّة في دار المحفوظات التابعة ل - ج.د.ل. الملف الذي يتعامل مع قضيّة اللاجئين الفلسطينيين. مرّت 68 سنة وإسرائيل تخفي هذه الحقيقة الأرشيفيّة عن نفسها – هل ثمّة إثبات أكثر وضوحا من ذلك على أن هناك ما يُخْفى؟ قال موظف كبير لبراك ربيد: " عندما يحلّ السلام تُفْتح ملفات هذه المواد أمام الجمهور" ("هآرتس 9/22). يا عزيزي الموظّف، لن يأتي السلام قبل أن تُفتح هذه الملفات.
لن يأتي السلام قبل أن يعرف ويفهم الإسرائيليون كيف جرى هذا. لن يأتي السلام قبل أن تعترف إسرائيل بالمسؤوليّة، تعتذر وتُعوِّض. لا سلام بدون ذلك. قد تشكّل لجان تسوية كما كان في جنوا أفريقيا، وتركيع وتعويض كما كان في ألمانيا، وقد يكون اعتذار أمام الشعب الفلسطيني، وعودة جزئيّة، أو تعويض جزئي، عن الأملاك التي نُهِبَت عام 1948 ومنذ ئذ لم يتوقّف النهب. بشرط بلا تنكّر أو هروب من المسؤوليّة. لن يُمْنَع السلام لأن الفلسطينيين متمسكون بحق العودة. قد يُمْنع السلام لأن إسرائيل غير مستعدّة لاستيعاب نقطة التحوّل التاريخيّة: شعب بلا وطن جاء لبلاد شعبٍ له وطن. وهذا الشعب عاش ولا زال يعيش مأساة قاسية حتى يومنا هذا. هذا الشعب لم ينسى، ولم تستطع إسرائيل أن تنسيَه. إسرائيل تمْقت كل من ينفي وقوع كارثة الشعب اليهودي، وبحق. ويعتبر هذا النفي في بعض الدول جريمة جنائيّة. إسرائيل غاضبة من بولندا لأنها رفضت أن تذكر في قانونها أنها ساهمت في إبادة الشعب اليهودي.وكذلك النمسا التي لم تواجه ماضيها كما يجب. وتستحق التنديد على ذلك. لكن هل واجهت إسرائيل ماضيها؟ أبدا. يطالب الشعب اليهودي تعويضا عن أمواله التي تركها في أوروبا الشرقية وفي البلاد العربيّة. وقد سُمِح لليهود بالعودة لامتلاك أملاك يهودية في الضفة الغربية وفي شرقي القدس، فقط الآ يكون عندنا. تُطبّق علينا قوانين أخرى، قواني شعب الله المختار، سلوك مزدوج. أمّا حَدْبَتنا - المُخَبّأة في دار المحفوظات والتي تطل من كلّ مخيّم للاجئين، أو من تحت أطلال كل قرية – نشيح بنظرنا عنها.
يمكن أن نوفّر الغضب من المقارنة مع كارثة الشعب اليهودي. ليس ثمّة مقارنة.لكن هناك مآسي قوميّة، ليس كالكارثة، لكنها مآسي. ما حلّ بالشعب الفلسطيني مأساة كُبرى. وإسرائيل تنكر ذلك وتتنصّل من المسؤوليّة. مقاييس هذه المأساة اقلّ من مقاييس كارثة الشعب اليهودي. لكنّها مأساة قاسية. يمكن مقارنة نكرانها: نكرانها أكبر من نكران كارثة الشعب اليهودي، مأساة الشعب الفلسطيني من عام 1948 مستمرة بعد قيام الدولة، ولا يمكن دحض ذلك
إذا كانت إسرائيل واثقة من عدالتها، إذن لتفتح أرشيفها، ولتثبت ذلك. أحد المستندات التي تخفيها إسرائيل بحث طلب إجراءه دافيد بن غوريون، وأُعِد البحث ليثبت أن العرب هربوا باختيارهم، إذا كان ذلك صحيحا وقانونيا إذن لماذا لا يُنْشر؟
يكفي أن نتمعّن بالصورة التي أُرْفِقَت بمقال في "هآرتس" لنُقَوِّض هذه الدعاية الصهيونيّة: عربيان يدفعان عربة عليها بقايا أثاث سجاجيد وأدوات منزليّة، وشيخ يحمل عكّازا، ويتبعه ثلاثة جنود من "الهاجاناه" يهددانه بالبنادق، حيفا 12 أيّار 1948، أهكذا يكون "الهروب الاختياري" الذي يُتَّهَم به العرب. وهذه ليست الصّورة الأكثر رُعْبا.
التّهْمة ثابتة، ولن تهون. وأكثر من ذلك أن إسرائيل منعت العودة إلى البيوت في أوج المعارك، لا يمكن أن يكون هنا عدلا مُطْلقا. والذنب ليس على إسرائيل وحدها ولكن يجب التوقف عن النكران، إذا كنّا مقتنعين بعدالتنا، وأقوياء بدولتنا، حان الوقت لنستخلص النتائج، ولنفتح أعيننا على الحقيقة، ونستخلص النتائج المطلوبة: طفحت مكاييل إسرائيل بالمعاناة التي سببتها للشعب الفلسطيني، منذ زمن بعيد.
2016/9/22
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير