"قتيلُ ذراعِهِ"،ابنُ آوى والأسدُ...قِصّةٌ للصّغارِ و...."للكبارِ!" تأليف:شريف صعب-أبوسنان
2016-10-16 08:16:23
"قتيلُ ذراعِهِ"،ابنُ آوى والأسدُ...قِصّةٌ للصّغارِ و...."للكبارِ!" تأليف:شريف صعب-أبوسنان
كان الأسدُ يترصّدُ قطيعَ الحيواناتِ العاشبةِ الّتي انتشرت في الحقولِ من حولهِ،بعد أن حاولَ مرّاتٍ عديدة اصطيادَ أحدِها ليسُدَّ رَمَقهُ،فهو لم يأكلُ منذُ ثلاثةِ أيّامٍ حيثُ أُصيبَ بإحدى يديهِ في معركةٍ مع أسدٍ آخرَ حاولَ الإعتداءَ على مجالِ نفوذهِ،مِمّا أصابهُ ببعضِ العَرَجِ.
في إحدى محاولاتهِ كادَ أن ينجحَ بالإمساكِ بأحدِ خنازيرِ البرِّ، ألّا أنّهُ قد أفلتَ منهُ بفضلِ خفّتهِ ورشاقتهِ رغمَ أنّهُ نالَ بعضَ"الخُدوشِ"...في مُؤخَّرتِهِ،من مخالبِ الأسدِ!
في محاولتهِ الأخيرةِ،حانَ موعدُ القنصِ حيثُ حاصرَ الأسدُ ظبيًا غضًّا،أخطَأ طريقَ النّجاةِ وغاصَ في بِركةٍ صغيرةٍ،ضحلةٌ ماؤُها فلحقَ به الأسدُ الّذي يُجيدُ السّباحةَ، أمسكَهُ ثُمَّ"عضَّهُ"العضّةَ القاضِيَةَ،فأرداهُ قتيلًا،بعدها سحبهُ من الماءِ إلى حافّةِ البِرْكةِ وراحَ يتلذّذُ بابتلاعِ الّلحمِ الطّازجِ...والنّشوةُ تبرِقُ في عينيهِ،وقدعبّرَ عنها بتلويحِ ذيلهِ يُمنَةً ويُسرَةً!
كانَ ثعلبٌ يجلسُ في "عرينهِ" ويُراقبُ تحرُّكاتِ الأسدِ ومحاولاتهِ ومعهُ ولَدانِ صغيرانِ تيتّما من أُمّهِما قبلَ أيّامٍ وهما يتوقانِ إلى الطّعامِ.طار الثّعلبُ فرَحًا عندما شاهدَ كيفَ نجحَ الأسدُ في صيدهِ الأخيرِ،وتأمّلَ خَيرًا في أن يُصيبُهُ شئٌ من لحمِ الظّبيِ ليسُدَّ بهِ جوعَهُ وجوعَ ولدَيْهِ،فاتّجَهَ راكضًا نحوَ الأسدِ...وصَلَهُ وبدأ يهزجُ لهُ بأجملِ الأهازيجِ وهو يرقصُ حولهُ هاتفًا بأعلى صوتهِ...وعُوائِهِ كالمجنونِ،مُعبِّرًا عن إعجابِهِ بقوَّةِ الأسدِ وبجبروتهِ....والأسدُ غيرُ مُكترثٍ بهِ،غارِقٌ في لحمِ"ظبيِهِ"الطّازجِ ،يلتهمُ الّلحمَ،على غيرِ هُدًى،فهو لا يفهمُ لغةَ الثّعالبِ ولم يرقُصُ في حياتهِ...على دفِّوفها!
استمرّتْ فرحةُ الثّعلبِ،وكانَ يقفزُ ويرقصُ كرقصِ الفراشِ حولَ النّورِ الحارقِ...فوقفَ على رجلَيهِ الخلفيّتينِ وهو يهزُّ أكتافهُ وذنبهُ ثُمَّ يجلسُ للحظَةٍ على مُؤخّرتهِ،ويهزجُ ويعوي،يهزجُ...ويعوي!
رفعَ الأسدُ السّعيدُ-الفائزُ رأسَهُ وأخرجَ"زمجرةً"خفيفةً من حُنجَرَتهِ،حيث أغضبتهُ أصواتُ الثّعلبِ...وفُضوليّتُهُ واقترابُهُ من الغنيمةِ،فهو أسدٌ وما يهُمُّهُ هوَ الإبتلاعُ،الإبتلاعُ ليسَ إلّا،فكشّرَ عن أنيابهِ غاضِبًا وظنّ الثّعلبُ أنّ ذلك ليسَ إلّا شُكرانٌ له وترحيبٌ بقدومهِ وتعبيرٌ عن... سعادتهِ بحضوره،فهو أيضًا لا يفهمُ لغةَ الأسودِ ونزَواتِها!!
بعدَ هذا الاستعراضِ العظيمِ وبعدَ أن أمِنَ الثّعلبُ جانبَ الأسدِ،مُتَوهِّمًا،ربضَ على بُعدٍ ما من الظبيِ...والأسدِ ثُمّ شرعَ يزحفُ،قليلًا قليلًا،يحتالُ ويمكُرُ،كعادتهِ،للحصولِ على لُقمةِ لحمٍ دَسِمٍ،والأسدُ غارقًا بالتهامِ الّلحمِ،ومعلومٌ أنّهُ لا يسمحُ لأحدٍ، لزوجتهِ أولأشبالهِ بالدُّنُوِّ منه...حتّى يملأَ بطنهُ أولًا!
استمرَّ الثّعلبُ في احتيالهِ ورَوغِهِ فلم يُعِرهُ الأسدُ اهتمامًا يُذكَرُ،حتّى وصلَ فخذَ الظّبيِ ونهشَ نهشةً فأثارَ حفيظتهُ،ولكنّهُ تحمّلَ الأمرَ،ولم يتصرّف بقسوةٍ!
أصبحَ الثّغلبُ إلى جانبِ"زميلهِ"واعتقدَ أنّهُ ضيفٌ مرغوبٌ فيهِ،مؤمِنًا أنّهُ في أمانٍ،فأدخلَ رأسهُ في جوفِ الظّبيِ لاستخراجِ الكبدِ.
شاهدَ ذلكَ الأسدُ فاستشاطَ غضبًا،فصدرتْ منهُ ضربةً "حاقدةً" وسريعةً قصمت ظهرَ الثّعلبِ في الحالِ...وأرداهُ قتيلًا،تاركًا خلفهُ"طفلَينِ"صغيرَينِ عاجزَينِ عن إعالةِ نفسَيهِما بنفسَيهِما!!
كانَ ضبعًا يُراقبُ من بعيدٍ ذلكَ المشهدِ،وكانَ قد مرَّ بتجربةٍ في الماضي...مع أحدِ الأسودِ،ونجا فضحكَ مُتَأسّفًا على الثّعلبِ الحزينِ،وقالَ في نفسهِ:"مِسكينٌ ذلكَ الثّعلبُ،يبدو أنّهُ لم يتعلَّمَ بَيْتَ الشّعرَ عن الأسودِ الّذي يقولُ:
إذا رأيتَ نيوبَ الّليثِ بارزةً لا تحسَبَنَّ بأنّ الّليثَ يبتسِمُ"
هربّ الضّبعُ مبتعِدًا.........حتّى لا ينالُهُ ذلكَ المصيرُ المُرُّ!!!
(حقوق الطبع محفوظة للكاتب)
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير