هل نحن واعون حقاً بما نفكر ونكتب ونقرر.. كميل فياض
2016-11-13 18:38:51
هل نحن واعون حقاً بما نفكر ونكتب ونقرر..
 
" كن" سعيداً كن فرحاً كن محباً كن جميلاً .. هل يكفي ان نأمر ونأتمر بذلك حتى نصبح فعلاً كذلك ؟..
اي هراء في استخدام صيغة الأمر او الاقتراح او الوعظ في الاستسعاد والإسعاد وغير ذلك .. كما لو انك تقول : اشتري بنطلون ، ارتدي قبعة ، كل هذه الأكلة ،اشربي ذلك العصير الخ .. كأن السعادة او الحب او الفرح شيء وشيء يمكن استحداثه او شراؤه وتناوله كحبة (الاكستازي) متى توفرت وكما يفعل مراهقو العصر من صغار وكبار .. ثم عن اي سعادة نتحدث عن سعادة الحيوان، الحشاش، الشيطان، الموهوم، المؤمن الغيبي ..؟! هل يمكن ان تكون سعيداً في عالم يعج بالمجهول وعلى كف عفريت .. مليء بالشرور والعيوب ؟ 
هل السعادة مفهوم فكري ، حالة نفسية ..؟ 
نحن - عمومًا - نفكر في العتمة – اي فيما يجهل الفكر نفسه -  وافكارنا مكتسبة من قاموس البيئة الاجتماعية والثقافية التي تربينا فيها، ونعكس تلقائياً افكارنا التي تعكسنا بدورها داخلها ، بصورة شبه آلية مغلقة .. 
في الحقيقة لا يمكن ان نعتبر انفسنا واعين لما نفكر وبما نفكر ونقول ونكتب، ضمن المنطق نفسه لما نفكر ونقول ونكتب ، فالوعي حقيقة هو خارج الأفكار والكلام والمفاهيم ، ونحن في المدرسة والبيت والشارع والجامعة انما نقبع داخل تفكيرنا وداخل عالمنا، ولا نكف عن حجب أنفسنا بأنفسنا عن الوعي الأساس لوجودنا، الذي هو خارج كل شيء ، هكذا نحن من افكارنا ومما تعطيه حواسنا نبني عالمنا النفسي والعقلي ، ونصوغ مفاهيمنا عن السعادة وغيرها ..
ان تكن واعٍ ؟
ليس الوعي بالشيء يكون من ضمن صفاته وشكله – سواء كان كلمة عبارة فكرة او غرض حسي - بل بتركه تماماً من الوعي ، ثم النظر اليه من الجانب كلياً.. حينئذ يكون لكل حادث حديث ..اما ما نقرأه ونراه عموماً من كتابنا الأجلاء هو داخل حلم بثوابته ومتغيراته ..
وقد اصبح على زمن الفيسبك وغيره لدينا مرشدين ومرشدات روحيين كثر ، وما اسهل الكتابة والكلام والارشاد : (كن سعيداً وكن كذا ) متجاهلين ان الكلام غير الواقع والتمني غير الحقيقة ..
من صفات الوعي الحقيقي هو التأثير المباشر والتغيير الفعلي ،كفعل الضوء للظلام ، وكاليقظة للمنام ، وكفعل الصبون والماء للأوساخ .. واذ لا نتغير رغم وعظنا وصلواتنا ودعاؤنا المتكرر ، ولا نؤثر رغم دروسنا وتكرار تعاليمنا معنى هذا اننا لا نفعل في ضوء وعينا الحقيقي ، ويجب ان نقف موقف الناقد الجاد الذي ينوي فعلاً تغيير عاداته السيئة والتخلص من كآبته وبؤسه .. ولعل الوعي بحقائق الوجود الذاتي ينمو كالزرع عن طريق تكثيف التأمل والمراقبة – ليس فقط في الساعات العادية المواتية والمريحة – بل  خصوصاً عندما تدعونا افكارنا لفعل شيء بائس ومحزن ومحبط ، مما قد فعلناه وجربناه وعرفناه في السابق.. ولهذا الأمر لا بد من التكريس الكلي للطاقة الذاتية دون ان ندع شعوراً واحداً (متثائباً) متثاقلاً متردداً او غامضاً  في زاوية ما من زوايا النفس ، ومع الوقت ربما نبدأ نقطف ثماراً طيبة وراحة بال ..    
 
كميل فياض
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق