ادب وشعر | حول الايمان ،التوحيد ،العرفان ، والروح .. بقلم كميل فياض

الاحد 17.11.2024

الرئيسية >> ادب وشعر

(اضف تعقيب)

حول الايمان ،التوحيد ،العرفان ، والروح .. بقلم كميل فياض

2016-11-23 11:17:03

حول الايمان ،التوحيد ،العرفان ، والروح ..

في هذا الحديث احاول ان اعيد تعريف بعض المفاهيم الدينية والمعرفية والثقافية المتداولة ، والتي ذوَّتها اصحابها واتباعها دون نظر فيها ودون محاولة لفهم مغزاها ،بل توورثت على علاتها يحكمها التقليد والارتجال والتسليم من دون شروط معرفية حقيقية .. واتطرق ايضاً لضرورة التمييز بين التوحيد بمفهومه المذهبي الخاص ، والتوحيد بمفهومه الكوني اللامذهبي ..

الإيمان :

ما هو الايمان ؟ نحن لا نؤمن بوجود الشمس ولا نؤمن بوجود البحر والشجر والحيوان والانسان ، فهذه موضوعات يقينية علاقتنا بها يقينية لا ايمانية ، فالموضوعات الايمانية هي غير يقينية ،هناك موضوعات عقلية يقينية ايضًا كالمعادلات الرياضية المحكومة بمقدماتها بصورة منطقية خالصة 1+1= 2 مثلا وان للمثلث ثلاثة اضلاع والمتوازيين لا يلتقيان ، هي بديهيات عقلية ، كذلك هناك مسائل ندركها بالفطرة : كالمعوج غير المستقيم والكل اكبر من الجزء الخ. اذن ما هي الموضوعات الايمانية ، وما هو الايمان ؟ الايمان هو حاجة وجدانية عاطفية لمأمن ولواق من الشرور ومن الضعف والنقص الطبيعي الذي لا يخلو منه انسان .. والايمان هو التصديق والوثوق بالغيب وما في الغيب ، وما في الغيب ليس بديهيا ولا يقينيا ، والا لما اختلف الناس فيه في شيء ، كما لا يختلفون في بديهياتهم ومسلماتهم الطبيعية والمنطقية على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم والوانهم واجناسهم وازمانهم ..

العرفان والتوحيد :

وانا اربط العرفان بالتوحيد اذ لا توحيد بدون عرفان ، والعرفان هو تجربة روحية ينم عنها اتصال مباشر وكشف مباشر عن موضوعات الايمان الرئيسية والأساسية - الله والجنة والجحيم - الخ ، وهاهنا تتحول العلاقة بهذه الموضوعات من علاقة غير يقينية لا تحتمل التوحيد بسبب كثرة الآراء والتوجهات ، الى علاقة يقينية توحيدية .. فالتوحيد كما هو ممارس ليس هو التوحيد ولا علاقة له بالتوحيد ، انما هو طقوس وتقاليد وقشور ربطها اصحابه بل وشرطها عموما بالتوحيد ، كالاشتغال بالمظاهر الحسية وسلوكياتها ، فهذه امور ترتبط بالمستوى الأدنى من الوجود والادراك ، بينما التوحيد يرتبط بالمستوى الاعلى من الوجود ، حيث يتجلى فيه الكون كمجلى لله لا ينفصل عنه ، كما تتجلى فيه الانسانية جمعاء، ليس مجموعة من الناس فقط ، وهذا هو الفرق بين التوحيد المذهبي كمكوَن تاريخي خاص ، وبين التوحيد الكوني الشامل ..

مستويات الوجود وادراكاته :

نحن نوجد في ثلاثة مستولات من الوجود الذاتي 1- المستوى الحسي 2- المستوى النفسي الشعوري 3- المستوى العقلي ..

1 – المستوى الحسي هو الادنى هو عبارة عن مادة خام للوجود بظهوره في الخمسة حواس دون تشكل ودون تصنيف وتمييز وتنظيم ..

2 – المستوى النفسي والشعوري يتمثل في ردود الفعل على الحسي، وبدأ تشكل التمييز والتصنيف والعنونة لمختلف المؤثرات الطبيعية كالحر والبرد والجوع والعطش الخ.

3- المستوى العقلي هو مستوى التصنيف والتنظيم هو التمييز بين اشكال وانواع الوجود الحسي والنفسي ، وما يميز المستوى العقلي بأنه مبدأ عام مشترك بين الناس كافة ، بينما النفسي مبدأ خاص وهو ما يقف وراء الخصوصيات والعلاقات الخاصة والشخصية .. في حين ان الاخلاق مركبة من كلا العقلي النفسي والحسي ..

في هذه الثلاثة مستويات لا يتحقق التوحيد اذ هو يوجد على المستوى الروحي الخالص ،ولذلك لا بد من توقف او تجاوز او استشفاف مختلف النشاطات العقلية والنفسية والحسية في سبيل ظهور روح التوحيد وتجليه والتحقق به ، وهذا يتم عن طريق التأمل والسكون الداخلي وعند تحقق الصفاء الكلي للوعي .. وهنا يتحقق التوحيد للموحد ، فالتوحيد ليس فقط الايمان بوجود اله او روح كلي ، بل بالكشف عن وحدة الوجود بين الروح الذاتي والكوني ، ولا يوجد في الحقيقة سوى روح واحد في ظهورات متعددة ، والكشف عن ذلك هو التوحيد بالمستوى الكوني الانساني الشامل اللامذهبي .. وهذه التجربة قاعدة للقيم الانسانية والكونية التي تشمل جميع البشر والكائنات، اذ هي جميعًا مشمولة في روح واحد كله خير وحب وصفاء .. وتحقق السلام في العالم يكون على قدر ازدياد عدد المتحققين بهذا الروح ..

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير

تعليق فيسبوك

تعليقك على الموضوع