سألني: هل الديمقراطيّة انهارت لدرجة أصبح بالإمكان الوصول إلى الحكم بدون حزب؟ ونبحث في طريقة ترامب.
كنّا عرّفنا الحزب وعرفناه على أنّه تنظيم سياسيّ، ينتمي إليه الأفراد والفئات الأكثر نشاطًا وحماسًا وتحزّبًا لطبقة اجتماعيّة معيّنة، يقودونها لتصل إلى الحكم، وإلى تحقيق أهدافها الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة وتثبيتها.
يؤسّس منظّرو البرجوازيّة الأحزاب ويصوّرونها على أنّها غير طبقيّة، وأنّها تجمّع لأفراد وفئات لهم رأي/آراء موحّد/ة حول مسائل تمسّ حياتهم وتؤثّر فيها، ويعتمدون في هذا على إنكار انقسام المجتمع إلى طبقات متمايزة، ومتباينة، ومتناحرة، ومتناقضة المصالح والأهداف. ويحاولون إفهامنا على أنّ دولة الحزب الواحد هي أساس الفاشيّة، وليس تشوّه الديمقراطيّة وتصدّعها وشللها.
علّمنا التاريخ أنّ حكومة فيليب بيتان/فيشي كانت أوّل نظام فاشيّ تعاون مع النازيّة ووصل إلى الحكم في فرنسا (الجمهوريّة) المتعدّدة الأحزاب وبأساليب "ديمقراطيّة"، قبل وصول موسوليني وهتلر إلى الحكم في إيطاليا وألمانيا.
وفي هذا الزمن الرديء ديمقراطيّا، وصل الرأسماليّ العنصريّ الشعبويّ دونالد ترامب إلى رئاسة الحكم في الولايات المتّحدة الأمريكيّة مِن خلال استثمار اللعبة الديمقراطيّة الواهنة، وإلهاب المشاعر، وبدون الاعتماد على برنامج حزب وهيئاته ووسائله.
أعتقد أنّ إيهود باراك يجمع بين عسكريّة بيتان وثراء ترامب، وأسأل هل يصل إلى الحكم من خلال هذه الوسيلة؟
جمع إيهود باراك العديد من الأوسمة العسكريّة والألقاب السياسيّة والثروة الرأسماليّة، وبنى علاقات سياسيّة وماليّة/اقتصاديّة تؤهّله أن يسير على خطى ترامب، وعلى الطريقة التي أصبحت طريقًا، وبشكل أفضل!
في الأونة الأخيرة، تكثر تصريحات وخطابات وكتابات وتعليقات وانتقادات و... ولقاءات ومنصّات إيهود باراك. ويتحرّك بقوّة وبكثافة من وسيلة إعلام إلى أخرى، ويستغلّ الحدث أكثر وأفضل مِن المعسكر الصهيونيّ برمّته. يتّهم نتنياهو بالخوف وبالعمى السياسيّ وبالتهوّر وبفقدان البوصلة الإستراتيجيّة وبإساءة/توتير العلاقات مع الإدارة الأمريكيّة وبالفساد و... وآخر تهمة له كانت بالتحريض ضدّ العرب! وبنشر الروح والأيديولوجيّة القوميّة/الفاشيّة؛ “ هي التهديد المركزيّ اليوم على مستقبل وهويّة وتماسك وقوّة إسرائيل" .
نعم هذا باراك ما غيره الذي كان رئيس الحكومة أثناء أحداث أكتوبر 2000، وكان قائد الأركان الذي قتل فلسطينيّين وهو ينظر إلى عيونهم، و... باراك لم يعد يحتمل فاشيّة اليمين وزعامته، والتحريض ضدّ العرب ويصرّح: " إئتلاف اليمين الحاليّ يزرع الانقسام في المجتمع الإسرائيليّ في خدمة رؤيته القوميّة والشعبويّة المظلمة" ... ”يدفع الخوف قادة اليمين في الحكومة التي يرأسها نتنياهو إلى رؤية الأمور بالأسود والأبيض فقط، وبالأسود في المقام الأول“ و... “تغذية شعور الضحية بلا حدود" و ... "باستغلالهم لموجة الحرائق الأخيرة للتحريض ضد العرب في إسرائيل، خصوصًا وأنّ مفتعلي الحرائق والمحرّضين عليها لا يمثّلون العرب الإسرائيليّين أو الشعب الفلسطينيّ"، وأشاد باراك بالمساعدة التي قدّمتها كلّ من الأردن ومصر والسلطة الفلسطينيّة في إخماد النيران، وبالعائلات العربيّة الإسرائيليّة التي استضافت عائلات يهوديّة من المناطق التي تمّ إخلاؤها.
هذا هو باراك "موديل" 2016، بعد أن سقط وبيبي في الامتحان النوويّ الإيرانيّ، وبعد أن ترك وزارة الدفاع في سنة 2013.
هل يصل إلى الحكم بهذه الطريقة؟