المواقع الألكترونيّة كثيرة، أكثر مما تُعّدّ، وكثيرون زوّارها وكتّابها وقراؤها ومحرروها وتجّارها.
بدون شَكّ قلّصت هذه المواقع من مكانة الصحف الورقيّة حتى أن بعض هذه الصحف صارت توزّع مجّانا، بعد انصراف القراء إلى متابعة الكلمة المكتوبة على صفحات المواقع الإنترنيتيّة.
السؤال الذي يطرح نفسه: هل كلّ هذه المواقع تتحلّى بالأمانة الإعلاميّة والأدبيّة؟
حسب اعتقادي أن كثيرين من أصحاب المواقع يستحقّون الاحترام والتقدير والشكر على مجهودهم وتحمّلهم مسؤولية أدبيّة وإعلاميّة وأخلاقيّة بأمانة.
وهناك أصحاب مواقع لا يختلفون عن القراصنة ولصوص الملكيّة الفكريّة.
ترجمتُ مقالا لجدعون ليفي عن جريدة "هآرتس" بعنوان "كَيْفٌ أن تكون عربيّا". نظرا لأهمية المقال بما يعكسه من واقع مؤلم بالنسبة لنا كشعب عربي يعيش على أرضه وفي وطنه ويعاني من غطرسة عنصريّة اليمين المتطرف.
أرسلت المقال لأكثر من 300 عنوان، بعضها عناوين شخصيّة وبعضها عناوين مواقع على أمل أن يُعمّم االمقال ليقرأه قراء عرب كثيرون، لا تصلهم جريدة هآرتس".
الترجمة تتطلّب أولا الأمانة الأخلاقيّة، والأمانة الأدبية بالتزامها بما كتبه صاحب المقال الأول، والمحافظة على حقه الفكري، ومن الصعوبات التي تواجه المترجم- أيّا كان – بالإضافة إلى اللغة واختيار المفردة التي تؤدي المعنى بأمانة، عليه أن يجول بين الكلمات ووراءها، لينزل إلى أعماق فكر صاحب المقال الأوّل، ويعرف ماذا قصد بالكلمة أو العبارة التي كتبها، وإن أصاب لكنه أحيانا قد يخطئ، لأن خبايا النفوس لا نمتلكها نحن البشر، وأفكار الكتّاب خاصّة، والناس عامّة تختلف باختلاف خبايا نفوسهم.
المترجم يتحمل مسؤوليّة كبيرة، الأمانة الأدبية والأخلاقيّة واللغة والمساءلة القانونيّة أيضا. بعد هذا أرسلت المقال ليُعمّم.
كلمة كّيْف بمعنى الشيء الممتع عربية والكلمة العبرية قد تكون مأخوذة من اللغة العربيّة ، وهي باللغة العربية قابلة للتصريف وفعلها مُتَعَدٍّ.
أتصل بي صاحب موقع "كل الناس" الساعة 11:50 من صباح أمس بعد أن وصله المقال المُترجم وأثنى على مجهودي وطلبت منه نشره فقال سأعمل عليه!
لم أفطن لكلمة "سأعمل" ولم أشك بأن صاحب الموقع المحترم جدا أنه سيتلاعب بالمقال ويغيّر عنوان ليضع له عنوانا جديدا هو "من الممتع ن تكون عربيا" ويستبدل عبارات كثيرة في المقال بما يطيب له، ويحذف اسمي ليُنْسَب المقال للموقع ومن ثم لصاحبه.
لا أدري ماذا أسمّي هذه العمليّة؟!
هل هي قرصنة أو سرقة أو سطو؟؟ المؤكد أنها ضحك وكذب على القارئ،وعدم احترام أولا ذاتيّا ولي ثانيا وأنا الذي كنت أحترمه جدّا!
اتصلت بصاحب الموقع عن طريق "اتصل بنا" فام يرد. كتبت تعليقا على المقال الذي أرسلته فلم ينشره،
أريد أن أسأل أين هي حرية التعبير الذي كلمني عنها صاحب الموقع باتصاله الهاتفي أمس؟؟؟أين هي يا سيادة القرصان؟؟؟