لا يمكن التغاضي عن الحقائق التالية في سوريا منذ ما يقرب الست واربعين عاماً، أولاً : صعود الأسد الأب الى الحكم بانقلاب عسكري والاستئثار بالحكم من خلال انشاء جيش واجهزة أمن ومخابرات موالية له اكثر من موالاتها للدولة وللشعب ، حيث تشكلت في صورة هرمية من الرأس الى القاعدة حسب الأقرب الى الرئيس عائلياً وطائفياً وايديلوجياً ، فملأ قيادات وادارات ووظائف رئيسية أبناء الطائفة العلوية والأقربين من عائلة الأسد ، وعلى ذلك تم توريث الاسد الابن بعد ان تم تعديل الدستور ، حيث لم يكن يسمح ان يكون الرئيس اصغر من سن الاربعين ..
ثانياً : اعتماد سياسة المخادعة والترهيب تجاه ابناء الوطن السوري وصولاً الى دول الجوار وغيرها ، على ذلك قام النظام السوري باغتيالات سياسية – حيث وصلت يده - لكل من حاد عن خطه او حاول الاختلاف معه ، سواء من داخل الوطن ، او من خارجه .. وضحاياه كثر معظمهم معروف بالاسم والهوية ، وما لم يتم تصفيته من ابناء الوطن المخالفين، اودع غيابات السجون تحت الاهانة والتعذيب ..
ثالثاً : هيمنت عائلة الرئيس ولفيفه على مقدرات الدولة وثرواتها ومؤسساتها وشركها ،وأفقرت الشعب ، وحرمته من جميع حقوقه الانسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ،الا بمقادر تكرُّم الرئيس ولفيفه وشبيحته على فئات الشعب حسب درجة ولاءاتهم ..
رابعاً : من انجازات النظام وانتصاراته القومية ، احتلال لبنان في منتصف السبعين ،بعد ان ضرب بأذرعه الخارجية والداخلية العيش المشترك بين مختلف المذاهب والطوائف ، وأشعل بينهم حربًا اهلية استمرت 15 سنة ، ثم فرض بعد (صلح الطائف) الذي هو توافق بين الاطراف المتصارعة حلاً غير عادلاً ، اذ قضى بنزع الأسلحة الثقيلة من جميع مليشيات واطراف الصراع - عدا مواليه من الشيعة - بل شارك هو وايران بإنشاء حزب ايديلوجي طائفي عسكري هو " حزب الله " شعاره ولسانه فلسطين والعروبة والمقاومة ، وباطنه ولاية الفقيه..
ومن انتصارات النظام الاسدي ، خسارة الجولان وبيعه او التخلي عنه ، تمزيق المجتمع اللبناني وتدمير مدنه ،بعد اروع واجمل عيش مشترك بين اللبنانيين ،حيث وُصف لبنان قبل احتلال سوريا له بسويسرا الشرق .. ومن الحقائق والانجازات الكبيرة لنظام الاسد أن أوكل الممانعة ضد إسرائيل لحزب الله ولما سمي بالمقاومة الوطنية التي هي عبارة عن ملحق للحزب من افراد ينتمون لطوائف من غير الشيعة رغبوا صادقين في المشاركة بمبادرة شخصية .. لكن النتيجة لهذه المقاومة لم يكن تحرير الجولان ولا فلسطين ، بل احتلال اسرائيل لسماء لبنان وتدمير بنيته التحتية وقتل اكثر من الف مواطن ومئات من المقاومين في حرب واحدة من عدت حروب ، هذا بعد ان كانت وصلت الى بيروت 1982 وتم طرد عرفات آنذاك وجيشه مع سائر الفصائل الفلسطينية وقوادها الى تونس باتفاق تم بين غالب ومغلوب .. ثم بعد ذلك يتم احتلال اسرائيل لجنوب لبنان حتى 2000 حيث خرجت تحت ضغطين – اهالي الجنود الاسرائيليين وتضحيات ونكبات في اهل الجنوب ومجازر صبرا وشتيلا - ..
لكن هناك قانون في علم الروحانيات يدعا ( كارما) وهو حصد النتائج حسب ما نقدم من فكر وعمل ، وفعلاً انقلب السحر على الساحر وانعكس الشر على فاعله ، وها هي سوريا الاسد – دون شماتة بل اقول هذا مع اشد الحسرة والأسى - تتكشف على مدى خمس سنوات وقليل ،عن ضباع مغتلمة وكلاب مسعورة متناهشة حتى موت كل شيء وتدمير كل شيء في الوطن وفي كرامة المواطن .. وليسقط الشعب والوطن وليبقى (الأسد) والدور على كل من اقترفت يداه ظلماً ..
لكن من قال انها حقاً نهاية المعركة ونهاية الثورة في سوريا ، الثورة التي نجح النظام في خربطت اوراقها لصالحه من خلال اللعب على حبال الارهاب (الاسلامي) ليقنع العالم بمصداقية دفاعه عن الكرسي .. هذه ليست النهاية ولا بد من ان تعود الحقيقة لتعطي الاكثرية المظلومة حقها – يا للمفارقة – من الاقلية حسب قانون (الكارما) نفسه .