أيام معدودة تفصلنا عن مناسبة حلول عيد الميلاد المجيد، ومشاهده الساحرة الرومانسيّة، إذ يترقب المحتفلون بلهفة قدوم هذه الأجواء المميّزة من زينة الأشجار المزركشة بمزيج الألوان على جوانب الطرقات الرئيسيّة والداخليّة وداخل البيوت، وبهاء الأنوار التي تمتدّ بين البيوت وأعمدة الإنارة، الكنائس والمحلات التجارية، وبين الحين والحين تقرع الأجراس وتنبعث موسيقى من مكبّرات الصوت تدعو إلى السلام والمحبة تجسيدًا لما نادى به السيّد المسيح، وتجوّل بابا نويل في الشوارع يعايد ويقدم الهدايا للأطفال.
هذه المناسبة العطرة التي تجلّت فيها الحقائق الروحيّة والدينية قيمًا إنسانيّة واجتماعيّة وتربويّة. إن حقيقة إضاءة كافة الشوارع والمؤسسات في البلدان المختلطة لدليل واضح وأكيد على الوحدة والتآخي، ممّا يعكس عمق العلاقات الحميمة والمتينة بين كافة الأعراق والانتماءات وأطياف المجتمع، الأمر الذي يثلج الصدر ويبعث الارتياح والطمأنينة.
وسط هذه الاجواء الاحتفاليّة، يجب أن لا يغيب عن بالنا وأن نذكر ونتذكّر فضل الباري ونعمته على العباد وطاعته، وأن نتوقف مطوّلا وننظر إلى ما يجري ويدور في مجتمعنا وخارجه من عنف وسفك دماء ودمار وتشريد وحبّ السيطرة وانتهاك حرمة البيوت، وحريّة الضعفاء فإنّ هذه المشاهد التي تعيد نفسها، للأسف، غدت ظاهرة ونمطًا ومسلكًا تدمع العيون وتهز القلوب وتقشعر الأبدان.
هيّا بنا نحارب كافة الظواهر السلبيّة ولغة التجريح والصراعات وتصفية الحسابات. اللهمّ احم نفوسنا من الكبر واجعل قلوبنا واسعة متواضعة كأرضك التي تنبت من تحت التراب أجمل الأزهار وأطيب الثمار، وافتح قلوب الناس للعطاء وتحكيم الضمير والحكمة، واجعل البهجة تملأ الروح، وانصر المظلوم على الظالم، وحقق العدل والعدالة قولا وفعلا! اللّهمّ آمين.
ميلادًا مجيدًا وسنة ميلاديّة مباركة، أعادهما الله على العباد بكلّ خير ومحبة، وكلّ عام والجميع بألف خير.