يكفي أحيانا ان تنظر إلى وجه الاخرين لتعرف سطور حياتهم وتعرف أنهم أسراب من الملائكة تحوم فوق القلوب المرتعشة ويكفي احيانا ان تنظر برسم وجههم ومساحته لتعرف عمق السهول الخضراء وبيادر الغزلان على امتداد حرية البقاء على وجه البسيطة القاسية ويكفي احيانا ان تنظر بعيون مقابلك لتعرف قصة احلام وردية لم تكتمل وتخاف من دورة قمر بفلكه الدامي ووجدان ابو حميد صبية بل طفلة لم يتجاوز عمرها السادس عشر ربيعا قتلت وسط الاسبوع وعلى كتفها حقيبة مدرستها، طعنتها يد حاقد لا عديم الوجدان والأحاسيس بل لا يشبه من خلقهم الله ليكونوا حراسًا للارواح البريئة الباحثة عن الحياة. وجدان وبشهادة مديرها ومعلميها ومشايخ الدين وصديقاتها في الصف وساحة المدرسة انسانة بكل معاني الكلمات تاجها الادب، والاخلاق والتربية الصالحة وتعرف الطريق بين بيتها وحارتها والمدرسة وعلى كتفها سقطت اسراب الندى فكانت ملاكُا يمشي على الارض ويحلم بنوافذ زرقاء ونحو حياة تحمل في قواميسها محبة لدائرة البيت الاول والدوائر الاخرى...
سقطت وجدان على الارض من طعنة حاقد لا تربطه برسائل الله اي رسالة ولا رسائل الانبياء. سقطت على الارض بملابسها المدرسية وبقيت مساحات الدماء على كتبها ودفاترها وعلاماتها الفصلية... يكفي احيانا ألا تعرف الجاني وتعرف نوع السكين التي اخترقت جسدًا ملائكيا لكني على قناعة بأن الجاني لا يملك من الانسانية شيئا ولا تربطه مع القيم المعروفية احرفًا وسطورا، والسجن كثير على أمثاله، بل حمل كبير ولهؤلاء عناوين اخرى.
المسافة بين بلدي وكسرى بلد المرحومة ومسقط رأسها وحلمها الوردي عشرات الكيلومترات لكن المسافات تسقط في صورة جريمة هزت بلادًا وأبكتها المآقي واختلطت مع حبات المطر الآتي لبلاد اصبح فيها العنف مشهدًا يوميًا يقتل فيه الناس على ناصية ودرب وساحة ومدخل بيت وعلى الطريق من مدرسة وزقاق قديم...
قد يجتهد البعض في ظروف المأساة، لكن المحصلة حدث شيء هذا الاسبوع وقد يكون عبرةً واعادة الحسابات تبدأ من كل بيت وحارة وبلدٍ وغير ذلك ننتظر الجريمة الآتية.
لا تتناثر الأزهار من مزهرية، ولا تتبعثر اوراق الامتحانات الشهرية والفصلية عن مكتبة طالبة مجتهدة لا تضيع الفكرة من عقلها ولا تموت مشاهد قتل صبية كان ذنبها براءة المرايا والوجوه الجميلة ومن صورٍ لبشرٍ لا يشبهون البشر ولا ينكسر كاسر الموجِ أمام صورة صبية رحيقها الزهر وطريق النحل وتبقينَ بملابسك طالبة لتكون العبرة للذين فشلوا في الحفاظ على روحك ووجهك وجسدك وتبقين صورة المدخل لمدرسةٍ ورسمها الاخير والطفلة باقيةٍ مع كلّ جيل.