هذه هي السطور الأخيرة لزاويتي رماح لهذا العام الحافل، سطرها قلمي بتروٍ وتركيز عميق في الليالي الأخيرة من شهر ديسمبر، حيث تنتهي الأحلام وتبدأ أحلام جديدة، أحاول من خلالها أن أغرد داخل السرب وأعزف على أوتار آمال وأحلام يناير، الذي سيبدأ بعد فترة وجيزة حيث تحدق عيناي يقظة في عقارب الساعة التي تمر سريعًا كنبضات قلبي محاولا عبثًا رسم توقعات وتطلعات، أحداث وأمنيات السنة الجديدة، تجذبني، تدهشني، وتؤلمني هموم ومشاهد أحداث السنة المنصرمة. أحاصر أفكاري، أحلق بعيدًا وعاليًا لأرسم خطوط لوحة أكثر تفاؤلا واتزانا، رغم أنه لا أمان من روعة هذا الزمن العصيب، إذ لا يمكن لأحد أن يضمن لنا غدًا أفضل، غدا غابًا مخيفًا يفترس فيها القوي الضعيف، وتداس حقوقه وتنزع كرامته وحريته.
قد تكون مقدمتي متشائمة جدا، وهذا لا يعني أني متشائم، ولا أؤمن بالسّوداويّة، بل أصرّ على السلوك المنسجم مع المقولة: "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"، فهذه هي الحقيقة والمشاهد المقززة التي تكرر نفسها تشهد على ذلك، بل وأنها صرخة من الأعماق توجه إلى كل إنسان لا يزال ضميره حيًّا، أينما وحيثما وجد بشكل خاص، وإلى أصحاب المقامات؛ الملوك والحكام الذين فقدوا المصداقية والإحساس؛ إذ يسمحون لأنفسهم أن تغمض عيونهم متجاهلين ما يجري ويدور من إبادة ماضٍ وحاضر ومستقبل شعوبهم وحضارتهم، ممّا يؤدّي إلى فقدان الأمن والاستقرار وانتهاك حرمة الأطفال والنساء، حرّيتهم، وكرامتهم..
معًا نستقبل عاما جديدا، على أمل أن يحمل معه آمالا وتطلعات تبشر بغد أفضل يملؤه الاستقرار والسلام، حافلا بالإنجازات والاستقرار، لنطوي معًا صفحة من مشاهد العنف بكافة إشكاله والصراعات الدامية، ونهيِّئ الأجواء لصفاء القلوب لترفرف وتغرد في سماء المعمورة المكفهرة ونرسم البسمة الحقيقية على وجوه الأطفال والمحتاجين، فهيّا بنا لا ننتظر الفرصة، ولننطلق لنحقّق آمالنا وأحلامنا الخيّرة، ونترك أثرًا طيّبًا في هذه الحياة، فحياتنا قصيرة لا تستحق الحقد والبغض، فاليائس هو الشخص الذي يطفئ المصباح ويشكو من إضاعة السبيل!!