قضى قرار التقسيم (181) بإنهاء الانتداب البريطانيّ على فلسطين، وتقسيمها إلى ثلاث كيانات: دولة عربيّة، ودولة يهوديّة (ذات أكثريّة يهوديّة وأقليّة عربيّة)، وكيان تحت حكم دوليّ في القدس وبيت لحم.
وافقت غالبيّة الأحزاب الشيوعيّة على قرار التقسيم نتيجة لميازين القوى، وللظروف الموضوعيّة السائدة ... ورغبة منها في إنهاء الاستعمار الجاثم على صدور شعوب المنطقة، وفي إخراج الجيش البريطانيّ، وفي الوصول إلى حلّ للصراع القوميّ المتأزّم في فلسطين نتيجة لتحريض وفساد الاستعمار البريطانيّ، وفي تأجيج/إنعاش الصراع الطبقيّ كسيرورة تؤدّي إلى تحقيق الاشتراكيّة ... والوحدة في فلسطين في المستقبل؛ كما اعتقدت أنّ الامبرياليّة تقسّم، والاستقلال يوحّد.
في الفترة الأخيرة، يدور/يثور في إسرائيل وفي ... نقاش/جدل واسع، بين السياسيّين والكتّاب والأكاديميّين و.... والصحافيّين حول انتفاء "حلّ الدولتين"، في ظلّ توسّع الاستيطان الإسرائيليّ في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة الذي يحول دون إقامة دولة فلسطينيّة قابلة للحياة، ويتّهم بعض المشاركين في النقاش السلطة الفلسطينيّة بعرقلة الحلّ، تحت مسمّيات عديدة، ولا يستبعدون مصالح ذاتيّة لبعض المتنفّذين، أو لأنّ سقف المطالب لعباس هو دولة افتراضيّة!
يدّعي البعض؛ أنّ المجتمع الدوليّ أخذ يميل إلى حلّ "دولة واحدة ثنائيّة القوميّة"، ويختلفون في الأخذ بعين الاعتبار: موقف إسرائيل، وموقف السلطة ومنظّمة التحرير الفلسطينيّة، والفوارق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة، و.... وأنّ التباين الديمغرافيّ قد يؤدّي إلى نشوء دولة أبرتهايد/فصل عنصريّ، فيها الأقليّة تحكم الأكثريّة، (اليوم، يفوق عدد الفلسطينيّين على عدد الإسرائيليّين في فلسطين التاريخيّة بحواليّ 100 ألف).
يطالب الكاتب الإسرائيليّ أ.ب. يهوشوع بإعطاء الفلسطينيّين في منطقة "ج" حقّ المواطنة الإسرائيليّة كالمستوطنين تمامًا، ويدعو إلى التفكير بحلّ "الدولة الواحدة"، على أمل أن يقود التفكير إلى حلول إبداعيّة، وأفكار جديدة، فدراليّة أو كانتونيّة، رغم أنّه يؤيّد "حلّ الدولتين".
أفشلت الحكومات الإسرائيليّة المتعاقبة "حلّ الدولتين"، كما أنّه لن تقبل أيّ حكومة إسرائيليّة بحلّ "دولة واحدة ثنائيّة القوميّة ديمقراطيّة، أو لكلّ مواطنيها؛ لأنّها (حسب مفهوم الحكومات الإسرائيليّة) تشكّل خطرًا إستراتيجيّا، وديموغرافيّا على الشعب اليهوديّ!
ليس الحلّ (دولة أو دولتين) هو ما يشغل بال حكومة اليمين المتطرّف في إسرائيل؛ بل الحفاظ على وضع اللا حلّ القائم، وذرّ العيون برماد تسمية الدولة وتعريفها! (رغم تسميتها وتعريفها في قرار التقسيم)؛ فبيبي يعرف في قرارة نفسه أنّ إسرائيل دولة غير ديمقراطيّة، ويعرف أنّ القمع والاستيطان والاضطهاد والمصادرة و.... يكسبه أصوات الناخبين اليهود اليمينيّين، وتأييد اللوبي الصهيونيّ في الولايات المتّحدة (الذي يحمي مصالح اليمين الإسرائيليّ وليس إسرائيل)، ويشبع رغباته/أطماعه الأيديولوجيّة، ويبقيه على سدّة الحكم، وهذا ما يريده.
لكن، لن يستطيع بيبي أو غيره إنكار حقيقة وجود شعبَين في إسرائيل، وأنّ هناك قضايا: لاجئين، ومياه وحدود، وأسرى وسجناء، ومعطّلين عن العمل، و...، وديمقراطيّة وسلام تنتظر حلولا عادلة.
لن يستطيع بيبي أن يكمّ أفواه الأكثريّة، إذا ما طالبت بالسلام وبالحلّ الديمقراطيّ والعادل، ولا يستطيع أن يمنعها من التحرّك نحو الحلّ المدعوم من الهيئات الدوليّة. والحلّ يحتاج إلى قويّ يفرضه، قويّ لا يقبل بأنصاف حلول؛ نصف حريّة ونصف احتلال.