بعد قيام الدولة وإعلان استقلالها عام 1948 احتارت الحكومة ماذا تفعل مع العرب؟ الذي لطالما اعتبرتهم قنبلة موقوتة قد تنفجر في أية لحظة! فعملت ما بوسعها من تضييقات لحثهم على الرحيل عن هذه الأرض التي هي أرضهم في الأساس والتي كانوا يقطنون بها في أمان.
التضييقات كانت على أشكالها وأنواعها سياسية كانت أو دينية أو اجتماعية او خاصة حتى وتمس بحرية الفرد الواحد بالضبط كما حصل مع الشاعر الراحل محمود درويش.
باشرت الدولة آنذاك بخطة الترحيل (الترانسفير) لتعمل على طرد العرب لكن بصورة غير مباشرة أو ربما مباشرة لمن أراد رؤية ذلك بشكل واضح!
الترانسفير التي قامت به الدولة اتجاه العرب كان من خلال تضييقات عدة أمام المواطن العربي, الذي بدأ بدوره بالإنهيار شيئا فشيئا أمام تلك الصعوبات الحياتية والمضايقات حتى وقع في خيارين كل واحد من هما أشد صعوبة من الآخر, إما أن يبقى على هذه الأرض دون حريه أو أن يختار حريه بدون أرض! ومع الأسف فقد اضطر الكثيرون إلى اللجوء للهجرة لأنهم أرادوا بكل بساطة أن يعيشوا ليس أكثر بحيث أن الحياة هنا باتت جحيما.
أحد الأشخاص كان محمود درويش الذي اختار التحليق عاليا في سماء بقاع الأرض بعد أن ذاق كل معاني التضييق وعدم الأمان التي وفرته له الدولة بكل مركباتها على حد سواء.
جرائم القتل واستفحالها, هذا هو الترانسفير الجديد,
فقدان الأمن والأمان لدى المواطن هو الطريق التي تؤدي به إلى الرحيل,
فمن تضيق به حاله كما في عام 1948 سوف يرحل كما رحل الكثر آنذاك,
تفشي الجرائم بمختلف أنواعها وانتشار كمية السلاح المرعب دون رادع حقيقي بات وكأنه نوع من ترانسفير جديد تنتهجه الدولة مقابل المجتمع العربي.
ليس علينا الإستغراب من أية طريقة لإخراجنا من هنا! حتى لو كانت من خلال أسباب فيما بيننا! وخاصة بعد أن سيطر اليمين العنصري على الحكومة.
وراء كل أزمة أو ضائقة أو ظاهرة متوحشة ليس منها مفر تجتاح المجتمع العربي... ترانسفير متطور!!
جرائم القتل التي لا نهاية لها ولا حد ولا حتى حل أو رادع,
تقاعس الشرطة إزاء هذه الجرائم وعدم فك رموز أكثرها,
مجرمون طلقاء في الشوارع,
الكم الهائل من السلاح في القرى والمدن العربية,
تجاهل مثل هذه القضايا في أروقة الكنسيت,
الأحكام المخذلة والمخجلة الناتجة عن الجهاز القضائي إزاء هذه القضايا المهمة,
كل هذه الظروف من الطبيعي جدا أن تولد عدم أمان للمواطن.
انعدام الأمن والأمان لدى المواطن العربي ما هو إلا تضييق من أصعب التضييقات التي ممكن أن تمر على أي إنسان عادي, فانعدام الأمان هو بمثابة انعدام الحياة كليا!!
تمهيد مدروس جيدا لفتح الباب بوجه المواطن العربي أمام الرحيل ليس أكثر.
فمن لا ينعم بالأمن والأمان لن يرى سوى الرحيل مفرا له ولطمأنينته وحماية نفسه وعائلته.
(في النهاية... هذا لا يعني أن ننصل أنفسنا من المسؤولية , فكل مخطط لن يمر ما دامت دواخلنا نظيفة ومبادئنا موجودة وعقولنا واعية وصاحية وأخلاقياتنا موجودة !!).
بقلم: أزهار أبو الخير- شَعبان. عَكّا