لأني لا اومن بالعنف في المبدأ ، اذ العنف كما يثبت على الدوام للأحمق قبل العاقل انه لا يحل مشكلة بل يزيد الطين بلة ، ولأن استخدام العنف يدل على الضعف – سواء من قبل الافراد او المؤسسات والدول والانظمة والحركات العقائدية الخ .. لكني اذ لا اومن بالعنف اومن بسلاح اشد فتكاً واكثر اقناعاً هو سلاح الكلمة ، واجدني اتمتع بصفع المعتدي والظالم بكلمة الحق أكثر من رفسه ولكمه ولطمه بالرجل والكف .. وكلمة الحق هنا يمكن ان تجلجل ازاء سياسة هدم البيوت ( غير المرخصة) من قبل المؤسسة الاسرائيلية .. فأتساءل حين يخط مسؤول او قاضٍ امر هدم لبيت اقامه شاب فوق ارضه وارض ابيه بكفاحه وعرق جبينه وعصارة طاقته واعصابه ، استجابة لنداء الحياة ومقتضى الواجب والدين .. أتساءل : أيمكن ان يصدر أمر بهدم حق هو من بديهيات الحقوق الطبيعية والشرعية للإنسان لأي انسان يعيش فوق ارضه وفي وطنه ، أيعقل ان يكون صدر ذاك الأمر من يد عاقل ومن يد انسان ، ناهيك عن ان يكون مسؤول او قاضٍ .. واي قاضٍ هذا واي ضمير فيه ، وبأي وازع يُقدِم على خط مثل ذاك الأمر .. أتساءل ولا اكف عن التساؤل بتعجب واستغراب واستهجان واستقراف ..
وانا اذ استغرب واستهجن واستقرف لستُ مثالياً ولستُ محلقاً ، انما ببساطة اصدر عن مشاعر انسان وتفكير انسان عادي لا اكثر ولا اقل ، هكذا على الاقل أراني وأعتبرني .. لكن صحيح ايضاً انا وانتم تعرفون من يمكن ان يكون ذلك المسؤول او ذلك القاضي صاحب امر هدم بيوتنا وبيوت اخواننا ( غير المرخصة ) وتعرفون ويعرف هو اكثر لماذا بعض بيوتنا غير مرخصة دون خوض في ذلك .. غير ان للقضية وجهان : وجه يركب جحش القانون الذي يتعامل بيروقراطياً وطبوغرافياً وجغراسياً مع امر هدم تلك البيوت ، ووجه حقيقي اكثر ، بل هو الوجه الحقيقي حصراً ويتمثل في سياسة مخططة تجاه كل ما ليس يهودي ، والدولة لا محالة اقامها يهود واسماها اصحابها بدولة " يهودية وديمقراطية " وهي قائمة تتنفس وتتكاثر رغم سرياليتها ومسوخيتها فوق ارض احتلتها على مراحل زمنية وطردت معظم من قطنها بحجة ان هذه الارض لليهود أصلاً منذ آلاف السنين يوم منحها "يهوه" لهم ، لكن ليس قبل ان يختارهم ويفضلهم على سائر الشعوب والأمم والكائنات ..
ومن يعيش على هذه الأسطورة بفكره وضميره وحسه – وان يكن قاضياً وبرفسوراً جامعياً - طبعاً يمكنه ان يصدر امر هدم ليس فقط لبعض البيوت (غير المرخصة) بل هو يملك (حقاً مقدساً) في ان يهدم جميع البيوت غير اليهودية ويطرد سكانها الى خارج دولة اليهود .. لكن اذ هو لا يفعل ذلك فعلاً ليس لرحمة صادفة في نفسه ، ولا لإنسانية عارضة في وعيه ، بل ( لحكمة ) فهو يريد عبيداً له يخدموه ويحرسوه ، وقد اعطى للمسلمين وللمسيحيين دور الخادم والبناء له ، واعطى للدروز وللشركس مهمة حراسته – على الغالب من هؤلاء – للأسف للأسف للأسف .