25-1-2017
ترامب يريد، وكيف نريد؟
راضي كريني
قرأتُ مقال الدكتورة بثينة شعبان "الطريق إلى المستقبل" (الميادين، 23-1-2017)، وفيه تدعو إلى الوحدة، و....، والحوار، وإلى إثبات/فرض الذات العربيّة، واكتشاف قوّتها... ذكّرتني الدكتورة بقول الخليفة عمر بن الخطاب، للغلام القبطيّ، ولِوالي مصر عمرو بن العاص: لو ضربتَ عمرًا بن العاص ما منعتُك؛ لأنّ الغلام إنّما ضربك لسطان أبيه، ثم التفتَ إلى عمرو بن العاص قائلاً: "متى استعبدتُم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا؟” كان أترابي وأصحابي ينوّهون بقول عمر، وكنت أعترض وأتساءل: لماذا التفت نحو الظالم، ووجّه السؤال له؟ لماذا قطع كلامه للمظلوم، ولم يحرّضه على الظالم ويسأله: متى استعبدوكم؟ ولماذا .... وهكذا كنّا ندخل في حوار سببيّ ديالكتيكيّ، ونحلّل المواقف طبقيًّا. وهنا أقول للدكتورة بثينة: البركة في جماهيرنا العربيّة (انتبهوا للجماهير وليس للشعوب)؛ فلنعمل على الانتقال من حالة الفهم للواقع إلى الصدام والانتفاض.
عندما استمعت إلى ترامب، رئيس الولايات المتّحدة الأمريكيّة، إبّان الحملة الانتخابيّة، وجدت نفسي أردّد ما قاله ديل كارنيجي: "أيّ أحمق يمكنه أن ينتقد ويدين ويشتكي، ومعظم الحمقى يفعلون ذل". ثمّ تناولت كتاب "كفاحي" لهتلر وقرأته مرّتين، مرة من فم الزعيم هتلر، ومرّة من فم الزعيم دونالد ترامب.
كلاهما يريدان أن يعيدا سلطة الإدارة السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة من العاصمة إلى الشعب، وكلاهما استدرجا الطبقة البرجوازيّة الوسطىى نحو النزعة القوميّة العنصريّة (فعل هذا يائير لبيد، زعيم "هناك مستقبل" هنا)، واستمالاها عاطفيّا، ووعداها باستعادة ثروتها المنهوبة، والموزّعة على أرجاء العالم، وبتحسين شروط حياتها في المستقبل... ونعيد العظمة للدولة... هتلر: السلالة الألمانيّة أوّلا؛ وترامب: الشركة الأمريكيّة أوّلا، بعد أن أغنت دولا على حساب إفقارها وفقدان حمايتها وأمنها وأمانها! ووعد بفرض السلام (دحر الإرهاب الإسلاميّ) من خلال القوّة. وبتحويل أعداء الأمس إلى أصدقاء اليوم.
انشرح قلب بيبي من الوعظة وذوّتها ليبرمان. وأخذا بالتهديد .... ووعدا بالقضاء على الشعب الفلسطينيّ ليحلّ السلام، وبرفع وتيرة الاستيطان، وهدم الببيوت والمصادرة للأراضي العربيّة، وعلّم بيبي ترامب كيف يضع يده/قبضته على سلطات الحكم، ووسائل الإعلام، والاقتصاد (التدخّل في اقتصاديّات السوق)، ومنظّمات الإجرام.
وهذا بعكس ما ينادي به الاقتصاد الرأسماليّ الحرّ، وكذلك ما يزعج الدول الرأسمايّة الأوروبيّة. وممّا استدعى
ألمانيا إلى التحذير من المستقبل القاتم، وإلى التأهّب لنتائج الدعوة القوميّة العالية، ودعوة أوروبا إلى الوحدة ، من أجل الدفاع عن المصالح المشتركة.، خصوصا وأنّ ترامب يرى في التناقض بين المصالح الأمريكيّة والروسيّة ثانويًّا ومفتعلا، كما في قضية أوكرانيا، فهو يرى أنّ على الأوربييّن إيجاد الحلّ، بدون إثارة غضب روسيا من أمريكا، التي ستكون حليفته في سحق الإرهاب المهدّد لأمريكا.
أعتقدُ أنّ ترامب سيفشل في جعل أمريكا شركة تجاريّة؛ فالشركة لا تستطيع الحرب على الإرهاب، وحماية أمن إسرائيل. والدولة لا تستطيع أن تطالب ثمنًا ماليّا، مقابل دفاعها عن ديكتاتوريّة عروش منطقة الخليج الحامية لمصالحها ورأسمالها أما م شعوبها التوّاقة للديمقراطيّة، وللعدالة الاجتماعيّة.
هل سيسمح الشعب الأمريكيّ لترامب بضرب مؤسّسات الحكم والديمقراطيّة، كما فعل هتلر؟