قفّازات من حرير وأُخرى من زمهرير... ومبدأ..."أحبّ لغيرك ما تحبّ لنفسكَ!"
بقلم:شريف صعب-أبوسنان
ما أشفقكم يا رجالَ شرطة إسرائيلَ وما أرحمَ قلوبكم يا جنودَ جيش الدّفاع الإسرائيليّ،لقد أشفقنا نحنُ،المُشاهدين، عليكم عبر التّلفاز وفاضت قلوبنا ..ودموعنا رحمةً ورأفةً بكم وأنتم "تتقصّفون" تحت حِدّةِ برد"شُباط الّلباط"...وتداعبون بأناملكم "البريئةِ"شبابَ الهضابِ المساكين...الّذين أقسموا أن لا يخرجوا من أرضِ"آبائهم وأجدادهم"في "عمونا"الأبيّةِ...إلّا على ظهورهم،أو محمولينَ على أكتافِكم أو بين أياديكم الحنونة!
كُنّا نُصلّي لكم أن يحميَكم الرّبُّ من الهمجيّةِ الشَّرِسةِ لهؤلاءِ البلطجيّة وتوابعهم وزوابعهم الّذين أتَوْا من كلِّ حدبٍ وصوبٍ فاغري أفواههم للبلعِ وللإبتزاز وللسّرقةِ ولاستباحة كلّ ما يمكنُ استباحتهُ دونَ أيّ اعتبارٍ إنسانيّ أو حضاريٍّ أو أخلاقيّ...في زمنٍ أصبحَ النّظام وأتباعهُ من المراوغين الفاسدين لا يوفّرونَ أيّ جهدٍ في مجالِ القمعِ والاغتصابِ والسّلب،ضاربين بالمنطق وبالشّرعيّة الدّوليّةِ وبقرارات السّلطةِ القضائيّةِ المُتمثّلة بمحكمةِ العدلِ العُليا وبتوسّلِ زُعَماءِ العرب أمامهم، عرضَ الحائطِ!
يا لها من مهزلةٍ تقشعرُّ لها الأبدانُ ونحن نراكم أيُّها الرّجالِ تقفون"عُزَّلًا" أمام سطوة هؤلاءِ المخمورين بشذا الكراهيةِ والعنصريّة تجاه كلِ من هو ليس...صهيونيّ!
هؤلاء يرمحون ويسرحون على رِسلهم،يضربون بعصا بطشهم،يقيمون القيامة على رؤوسِ أصحاب الأرض ويرفعون الحواجز،يقطعون الشّجر ويبيدون الثّمر،ينتهكون الكراماتِ ثُمّ يُجازون...بميزانيّاتٍ وفيرة بالملايين...وبقوّةٍ داعمةٍ تضمن لهم الإستباحةَ والتّهكّمَ على هواهُم!!
ثقيلةٌ كانت الإصبعُ على"الزّناد"،في عامونا، حيثُ لم تكنْ زنادٌ أصلًا،فهنا لا يجوزُ إلّا الملاطفةٌ والأخوّةُ والمحبّةُ...وهنا ليس كهناكَ!!
بدوُ النّقب وجميعُ أبناء الأقليّات في هذه البلادِ هم لعبةٌ في يد الحاكم ،يفعل بهم ما يشاء...حيث أنّهم "اغتصبو خلال آلاف السّنين هذه البلاد وسلبوها من سكّانها الأصليين، اليهود،فهي كانت ملكًا لهم،وفي عُرف المُتطرفين،هي كانت"أسيرةٌ"في أيادٍ مُغتصِبة،غريبة!
يا لها من هلوساتٍ وهواجس...تقُضُّ المضاجعَ وتُجرّحُ المَسامِعَ!
خفيفةٌ يجب أن تكون الإصبعُ على الزّناد في كلّ ناحيةٍ ستهَدَّمُ فيها البيوت بكلِّ قريةٍ غير يهوديّة،في أم الحيران أو حرقيش في المغار أو بيت جنّ في يركا...أو في قلنسوه،فكلُّنا في الهوى سوى،مع أنّ ما أوصلنا جميعًا عربًا ومستوطنون إلى ما وصلنا إليه هو سياسة مُبرمجة مُمَنهجة لأنظمةٍ غاشمةٍ نَوَت،عن سابق إصرارٍ، إيصالنا إلى ما نحن عليه اليوم من عدمِ وجودِ أيّ تخطيطٍ أو أيّ توسيعٍ لإمكانيّات وجودنا على هذه الأرض وفي هذه الدّيار!!ثُمّ يتحدّثون عن العدالةِ!هذه العدالةٍ الّتي لم تُبقِ لغير اليهود في داخل الدّولة ألّا فُتاتَ الفُتاتِ!هذه العدالةُ الّتي تتّهم المحكمةَ العُليا، الّتي ما زالت تُحافظ على ماء الوجهِ، بعدم الإستقامةِ وبالإجحافِ بحقّ المستوطنين السّالبين!
أعضاءُ الكنيست في"عامونا"كانوا مُكرّمين مُعزَّزين،رغم تحريضهم للبلطجيّة أما في"أُمّ الحيران"فيجوز ضربهم وحتّى"سحل جلودهم"لأنّهم يُحرّضون..على العُنفِ،فكلُّهم"دواعِشٌ"!...فهنا قفّازاتٌ من الحرير وهناكَ قفّازاتٌ من...الزّمهريرِالّلاذعِ-الحارق!
رُبّما شطب أخواننا اليهودُ من تاريخهم العبارةَ الإنسانيّة الّتي تقولُ"غُرَباءُ كُنّا في بلادٍ غريبةٍ!"وربّما أصبحت المقولةُ الشّهيرةُ"أقَتَلتَ ثُمّ ورِثتَ!"مقولةً عاديّةً تمامًا!فلا تُداهَمُ"أُمّ الحيرانِ"إلّا في ساعاتِ الظّلامِ الدّامسِ أمّا"عامونا"،فلا تُخلى إلّا في وَضَحِ النّهارِ...حتّى لا يُؤذى أحدٌ من أُمرائها!
إضافةً إلى ذلك فأطفالُ عامونا بحاجةٍ إلى علماء نفسٍ وإلى مُستشارينَ تربويين وإلى مُتابعةٍ متواصلةٍ...حتّى لا يلحقُ بهم الأذى..فهم حسّاسون،عكسَ أطفالِ الأعرابِ الّذين هم..."بربريّون" منذُ الولادةِ،فالعربُ لا يفهمونَ معاني"العلاجِ النّفسيّ"أصلًا ولا تجوز عليهم الشَّفَقَةُ!
إنّ سياسةَ الإجحافِ هي المُجرِمَةُ،أوّلًا وأخيرًا بحقِّ هؤلاءِ وهؤلاء،فهي قطعت على العرب السُّبُلَ داخل وخارج الخطّ الأخضر ومنَعَت التّوسعَ والبناء والتّطور،حتّى داخلَ أملاكهم،ولم تُبرمج لهم طرقَ الحياةِ، من خلالِ النّوايا الخبيثةِ، بينما فتحت للمستوطنين طُرُقَ الإنفلاتِ والعربدةِ...والبطشِ فجنت على نفسها من الطّرفَينِ كما جنت...براقش!!
لا أدري ماذا حصلَ للأسسِ الأخلاقيّةِ"التّوراتيّة مثل:"أحبّ لغيرك ما تُحِبّ لنفسكَ"..أو"إنصافِ أهلِ الذّمةِ"الّذين يعيشون بين ظهرانيكَ وغير ذلك،فربّما القوّةُ تُعمي الأبصارَ والبصائرَ،ولنتذكّرَ مقولةَ سيّدنا "إبراهيم"عندما قال لأبيه بعدَ أن كسّر الأصنامَ"عيونٌ لهم ولا يُبصرون..آذانٌ لهم ولا يسمعون..أيادٍ لهُم ولا يلمسون ..أرجلٌ- ولا يمشون،وأنا أُضيفُ:عقولٌ لهم ولا يفكّرون!!"ورُبّما المَخفيُّ أعظمُ بكثير،كثير!!!