شفيق خنيفس
نشهد في الآونة الاخيرة حوادث طرق مروعة وأرقام مذهلة من المصابين، ولعلني أتساءل من المسؤول عن هذه الحوادث وما هي الاسباب او العوامل المؤدية الى ذلك؟! هل الظروف التي نعيشها من الضغوطات التي تثقل كاهلنا؟ ام القوانين غير كافية؟ ام أن المركبات غير آمنة؟ هل كثرة انظمة السير او عدم ردع السائقين بما فيه الكفاية؟ فكثيرا ما نلاحظ السائق اثناء قيادة المركبة وهو يجري مكالمة هاتفية او شارد الذهن يفكر في المشاكل اليومية التي تواجهه، أضف الى ذلك العوامل الطبيعة او القيادة بأسلوب عدائي؟ عدم التروي، او الارهاق الجسماني والنوم اثناء القيادة، ام سرعة زائدة؟ او لعل كافة هذه الأسباب مجتمعة تؤدي الى ما نراه وما نسمعه كل يوم تقريبا.
وحوادث الطرق وفق المنشورات السنوية على مستوى العالم التي تهتم برصد عدد ضحايا حوادث الطرق في كل بلاد العالم، وخاصة الطرق الحرة او السريعة التي تربط بين المدن المختلفة، والطرق الدائرية التي تحيط بالمدن الكبيرة وتربطها بالضواحي والقرى الواقعة على أطرافها. فإذا تابعنا هذه المنشورات في الاعوام الاخيرة نجد ارقاما وبيانات واحصاءات مفزعة في الحقيقة. فالمشاكل التي يواجها قائد السيارة، وركاب سيارات الاجرة والنقل الجماعي في كثير من البلدان كثيرة، وحتى نضع ايدينا على السبب او مجموعة الاسباب الحقيقية وراء كثرة حوادث الطرق على مستوى العالم تعالوا لنرى نتائج هذه الابحاث التي تمولها كبرى شركات انتاج السيارات العالمية وبعض المنظمات الدولية التي تهتم بحياة الانسان ورفاهيته، وبعض شركات الانشاءات الهندسية وهندسة الطرق. فيمكن تلخيص اسباب الحوادث بشكل عام الى عدة مجاميع يمكن ادراجها ضمن عدة أسباب، فهنالك الاطارات الهوائية، عدم وجود أي فحوصات دورية بمستوى متميز او جيد، عدم وجود ضبط حقيقي لاختبارات فن القيادة للسائقين المتقدمين للحصول على رخصة القيادة، وانتشار الاهمال وتفشي الفساد في الاجهزة الادارية التي ترخص السيارات وتقدم تراخيص القيادة للأشخاص، عدم وجود اختبارات فنية للكشف عن مدي دراية الشخص بعلامات واشارات المرور وهي اختبارات اساسية جدا للحصول على ترخيص القيادة في الدول المتقدمة ولها نفس اهمية الاختبار العملي، عوامل تؤثر على وعي السائق مثل النعاس، التعب والارهاق، عدم التركيز والانشغال بمكالمات التليفون المحمول، تعاطي اي نوع من انواع المخدرات المغيبة للعقل وتسبب اختلال الادراك والرؤية، شرب الكحول قبل القيادة أو اثناءها، عدم تدريب سائقي العربات الكبيرة وسيارات النقل العام ونقل البضائع وحتى سائقي السيارات الخاصة على ضوابط الطريق والارشادات للسائق حتى يسير بأمان ويحافظ علي روحه وارواح الراكبين معه وفي السيارات الأخرى، وارواح السائرين على ارصفة الطرقات أيضا، عدم التخطيط الهندسي الجيد والمناسب للطرق مما يؤدي الى حالة من الازدحام وارتباك السير، وفرص للحوادث خصوصا اذا لم يكن الطريق ممهد بشكل مناسب لمختلف أنواع السيارات.
وبرأيي أن المشكلة الأساسية هي عدم وجود ثقافة سواقة في البلاد، عدم إعطاء حق الأولوية، وعدم السواقة بأدب ومسؤولية، وعلى سبيل المثال، فإذا توقفت امام إشارة ضوئية وتغير الضوء الى اللون الأخضر الذي يسمح لك بالاستمرار في السير فتسمع الزمامير من كل حدب وصوب وكأنهم يستقلون سيارات اسعاف، هذا يدل على العنف في السواقة وقلة ذوق لدى السائقين.
لتقليص الحوادث يجب ان نبدأ بتعليم أدب أنظمة السير من جيل مبكر في المدارس، وتخصيص وقت لهذا الموضوع على كل شخص ان يكون عنده مسؤولية ومسؤول عن نفسه وارواح الآخرين وعدم إلقاء المسؤولية على الغير، وإلزام أنفسنا بوضع حزام الامان، ونكون حذرين ومتسامحين ونتجنب الحوادث، فقد آن الأوان لنكون حضاريين ونفهم ان الرصيف هو الطريق الأمن للمشاة، نلاحظ مركبات على الرصيف (مركبات معطلة) وبقايا اكياس من مواد البناء على طريق المشاة وكأنه ملك خاص لهم وهذه الظاهرة منتشرة في كافة قرانا ومدننا.
كلي أمل، ان نتعظ من المآسي التي تسببها حوادث السير، وأن نتصرف بمسؤولية، ان نقرأ الشارع لدى سواقة السيارة والأهم ان نحترم الآخر وهكذا نكون قد ذوتنا ولو القليل من ثقافة السواقة الحذرة والمؤدبة.