يُصاب الكثير من الرافضين للواقع المعيش بعوَر البصر، فنراهم يتصوّرون نصف البديل، ويضعون نصف خطّة، ويسيرون نصف سيرورة، و...، ومن ثمّ يبرّرون خطأهم بمضاعفة التبريرات المتوّفرة والممكنة للناجحين.
فضّل الكثير نار دونالد ترامب على جنّة هيلري كلينتون ... نعم كنّا نغلي وننتفض مِن سياسة الظلم والاستغلال، واكتوينا مِن سياسة أوباما وكلينتون، لدرجة لم نعد ننتبه إلّا للتغيير، دون أن نفقه السيرورة والهدف المرغوب والأفضل من الموجود السيّئ والمرفوض... أُصبنا بالعور السياسيّ، وحكمنا على ترامب، كما حكم جار حسن على الحمار!
اشترى حسن حمارا، وعاد إلى بيته راكبا عليه، وعندما اقترب من الحيّ، أخذ ينادي على جاره الأعور (ذهب بصر إحدى عينيه)، وطلب منه أن يعطيه رأيه في الحمار، وأن يتبرّك بنظره إليه؛ فسأله كم يساوي عندك؟
تأمّل الجار الحمار، ثمّ قال: يساوي خمسين درهما. وكان حسن اشتراه بمئة درهم، فقال: لم أخطئ بفلس؛ فإنّي اشتريته بمئة، وأنت رأيت نصفه.
عندما نفضّل الثروة والبذخ على الثورة، والصالون والنبيذ والسيجار أو "النرجيلة " (الشيشة) على الشارع وقضايا الناس المظلومين، ومصلحتنا الذاتيّة على المصلحة العامّة، ولو تعارضت معها وانتقصت منها، ثمّ نبرّر ونموّه ونتعامى، ونغضّ الطرف، ونتجاوز عن سيّئات البديل، ونتجاهل السيرورة المؤدّية إلى الأفضل، ونسامح الأحمق على زلّاته وعوراته ونعوّل عليه أن يحسن إلينا، ونتهاون ونهون ونرخص أمام سالب للسلطة بالترغيب والتهديد، وبالشعبويّة واستغلال طيبة الناس ومآسيها وأحلامها، إذا أصبحنا كذلك كيف لنا أن نجازي ونعاقب وندرك ونَعْلم ونُعلّم ونربّي ونعمل من أجل الغد المشرق والعدل والحريّة والديمقراطيّة و... والاشتراكيّة؟!
رفْضُ الواقع مهمّ، أمّا الأهمّ فتغييره إلى الأفضل، بأفضل سيرورة.
أقولها صراحة، لم نقِم الدنيا، عندما طالب المستوطنون بيبي نتنياهو بهدم المزيد مِن المنازل الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة، وردّ عليهم بيبي أن ينتظروا حتّى مجيء ترامب.
سكتْنا عن التوسّع في عمليّات هدم المنازل العربيّة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة والقدس؛ فزادت السلطة من وتيرة الهدم داخل الخطّ الأخضر في قلنسوة وأمّ الحيران و... احتجّ الاتّحاد الأوروبيّ بدون ردع، وصمتت/شمتت الجامعة العربيّة مع تشجيع، وصرخ المتأسلمون: الأقصى في خطر ... علّ ... ولكن أردوغان "مش هون"!
بعد مجيءترامب، شرعت بلديّة القدس في رفع وتيرة أوامر الهدم وتكاليفه في محيط القدس.
في القدس، يهدم الفلسطينيّون مئات البيوت المبنيةّ على أراضيهم الخاصّة، ويدفعون تكاليف الهدم وغرامات ماليّة باهظة للبلديّة التي تعرقل ترخيص المباني العربيّة، وتشوّه الخرائط الهيكليّة للمدينة بالحدائق العامّة!
في القدس، يعدّ السكّان نماذج لخرائط هيكليّة ويقدّمونها مقترحة للبلديّة لتوسيع مسطّح البناء؛ فترفضها البلديّة، أو تؤجّلها إلى أجل غير محدّد. ثمّ تعلن المنطقة حديقة عامّة!
نتيجة لخطاب ترامب وسياسته وإدارته لم ترتفع وتيرة هدم المنازل الفلسطينيّة فقط؛ بل ارتفعت المظاهر والأعمال اللا ساميّة في أمريكا.
بدون تعليق. في الأسبوع الفائت (الثلاثاء)، جرى تدمير شواهد قبور في مقبرة يهوديّة في ولاية ميزوري، كما تمّ إيقاف 11 مركزا يهوديّا في الولايات المتّحدة الأمريكيّة، بعد أن تلقّوا تهديدات بوجود متفجّرات في داخلها؛ فهبّت منظّمة إسلاميّة للبحث عن الجناة