لو كان يعقوب أبو القيعان جملا لاستقال أردان وأخذ معه مدير عام الشرطة
أمين خير الدين
تقول زوجة يعقوب أبو القيعان، من أمّ الحيران، عنه : "كان إنسانًا مسالمًا، من البيت إلى المدرسة ومن المدرسة إلى البيت، قليل الزيارات والسفر، صبّ كل اهتمامه في التعليم، فتعلم في بئر السبع وتل أبيب، ونال اللقب الأول واللقب الثاني، ودورة مديرين، كان إنسانا يهتم فقط بالعمل، كان يقول أريد أن أعلّم أبنائي جميعًا وأن يكونوا أطباء، وكان لديّ شخصيًا حب استطلاع هل سيختار أبنائي موضوع التعليم؟ رغم أن أحد أبنائي سينهي دراسة الطب في الخارج، وابني الثاني يتعلم هندسة في كلية 'سامي شمعون'، ولديّ ابنتان تتعلمان موضوع الرياضيات، وأولادي في مدرستي السلام والبيادر، منذ تزوجته وهو يعلِّم ويتعلّم، أكمل دراسته هنا، ثم سافر إلى ألمانيا فتعلم سنة أولى اللغة، وكان يفضّل إكمال دراسته في ألمانيا، وحين فكر بأطفاله وزوجته توقف عن الدراسة في ألمانيا واختار العودة إلى البلاد، وأصرّ على تربية أبنائه، ثم استكمل تعليمه في البلاد، وفي العام 1998 بدأ بالدراسة وحتى استشهاده ظلّ غارقًا في التعليم – موقع عرب 48". كيف لإنسان مثقف ومتعلّم ومن عائلة كلهم يُشْغِلون مناصب رسميّة رفيعة، أخوه جبر مفتّشا وأخوه حمّاد مدير لمدرسة البيادر في حوره، أن ينتمي لمنظمة إرهابية أو لداعش كما وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بعد تصريحات كاذبة ومُظللة أودت بحياته، وبحياة شرطي من قوّات الهدم، تصريحات ظللت أيضا الرأي العام. مَنْ المسئول عن هذا الخطئ الذي أودى بحياة إنسان بريء، كل خطئه أنه لم يتحمّل رؤية بيته وتعبه وهو يُهْدم، فقرر أن يجمع لوازم السفر ويرحل، كي يجنب عينيه الرؤية وقلبه الوجع.
في كلّ تقصير يؤدي إلى قتل النفس البشريّة يجب أن يُقَدّم المسئول الأول للمحاكمة، والمسئول الأول هنا وزير الشرطة الذي سارع إلى التصريح بأن عملية الدهس عمليّة إرهابية، وحين يقول رئيس الحكومة إنه قبل أن يُدْلي بأيّ تصريح راجع الشرطة ثلاث مرّات، طبعا رئيس الحكومة لم يراجع ضابطا ميدانيا، إنما من المفروض أنه راجع وزير الشرطة، وبذلك وزير الشرطة، إن صحّ ذلك، هو الذي ظلل الرأي العام، ووسائل الإعلام ، وأيضا رئيس الحكومة،
أي وزير يحترم نفسه في مثل هذا الموقف يجب أن يُقّدِّم استقالته كخطوة أولى، وبعد ذلك يستعد لتحمل المسئولية. والأمثلة على ذلك كثيرة:
وزير النقل المصري مُنِع من السفر، بعد حادث سير بين حافلة للركاب كانت تنقل طلابا وقطار، وراح ضحية هذا الحادث 52 طالبا غير الجرحى مما أدّى إلى استقالة الوزير ومنعه من السفر استعدادا لتقديمه للمساءلة القانونيّة. .
وزير الماليّة الفرنسي استقال لأنه أجّر شقّة يمتلكها للحكومة.
وزير ألماني بسبب غشّه الأكاديمي وحصوله على دكتوراه بالغش، تنازل عن شهادة الدكتوراه، واستقال.
وزير الطاقة البريطاني كريس هيون وزوجته سُجنا 8 شهر بسبب كذبهما وتضليلهما للعدالة
وزيرة المواصلات السويدية استقالت بسبب ضبطها وهي تسوق سيارتها تحت تأثير الكحول.
وأخيرا وليس آخرا اسحق رابين استقال من رئاسة الحكومة بسبب أن لزوجته حسابا سريا في البنك
الأمثلة عن وزراء ومسئولين استقالوا من مناصبهم كثيرة، وذلك لأنهم، على الأقل يحترمون أنفسهم .
أردان كوزير للشرطة التي قامت بعملية هدم صُمّمت وخُطِّط لها وتخللها كثير من الأخطاء والتقصير وأودت بحياة مواطن مُسالم، وتشويه لسمعته بعد مقتله، ومن خلال الإساءة له كانت إساءة توحي لدمغ عائلته وقريته والمجتمع العربي في البلاد بأنه يميل للعنف ويمارس الإرهاب، إذا ما دافع عن هدم بيته، ولهذا يجوز قتله، بعكس سكان عمونا التي ركعت الحكومة ركعات وركعات استرضاء لهم، وتعهدت بسرقة أرض أخرى لتمنحهم إيّاها، وسنّت قانونا لشرعنة السرقة.
لو كان يعقوب ابو القيعان يهوديّا، وقُتل واتّهم بالإرهاب وأسيء لسمعته كما أسيء لسمعة مواطن صالح وأوحي بالاتهام للمستوطنة التي يقيم بها بالإرهاب، لما بقي اردان ومعه المفتش العام للشرطة في منصبيهما/ وكان سيُقدّم للمحاكمة بجريمة قذف وتشهير.
لكن لأن أبا القيعان عربي، ودم العربي رخيص في نظر الديمقراطية الوحيدة، والقوانين العادلة، ذات الوجهين التي يتبجحون بها، ويتفاخرون بها، لا يهتز لأردان رمش، إنها سياسة الأبرتهايد، سياسة اقتل عربيا تصبح بطلا، في دولة قلّ مَنْ لم يقتل فيها عربيا حيّا أو ميّتا. لو كان يعقوب أبو القيعان جملا كالجمل الذي دهسه جنود من وحدة دوبدوبان لأدمعت العيون ونزفت القلوب حزنا على مقتل الأحياء.
لكن يعقوب ابو القيعان عربي والعربي دون الجَمَل في دولة يسيّرها المتطرّفون!