راضي كريني
نشرت الصحف الإسرائيليّة تصريحًا لجهاز المخابرات العامّة (الشاباك)حول اعترافات المعتقل لديها محمّد مرتجى، القياديّ في كتائب عزّ الدين القسّام، الجناح العسكريّ لحماس، ومدير فرع قطاع غزّة في وكالة الإغاثة (تيكا) التابعة للحكومة التركيّة، ربّما تكون الاعترافات المنشورة ملفّقة وللتمويه، وممّا جاء فيها: إنّ مرتجى نقل خرائط وبرمجيّات متقدّمة، أفضل من خرائط جوجل، لتحسين دقّة الصواريخ الموجّهة إلى إسرائيل، كما نقل حقائب دولارات مِن تركيا إلى قيادة حماس في قطاع غزّة، وإنّه تلقّى تدريبات عسكريّة، تؤهّله لتصنيع عبوات ناسفة و... وحفر الأنفاق!
نستنتج من طريقة اعتقال محمّد مرتجى ومن تفاصيلها أنّ جهاز المخابرات التركيّة قد سهّل للشاباك الإسرائيليّ عمليّة اعتقاله، كما أنّنا نشكّ في تعاون استخباريّ لفرد/لأفراد من قيادات حماس مع الشاباك في عمليّة الاعتقال!
يذكّرني شتم قيادة حماس للسلطات الإسرائيليّة، على أثر اعتقال محمّد مرتجى بشتم كعب بن زهير بن أبي سلمى لسارق إبله ... عندما سرق أحدهم إبله؛ لم يحاول كعب استردادها؛ بل اكتفى بالوقوف على مرتفع ليرى السارق وهو يجرّ إبله، وأخذ يشتمه. ثمّ عاد لأهله، فسألوه عن الإبل؛ فقال أوسعْته شتما، وهرب بالإبل!
عندما كان أردوغان ينحني أمام إسرائيل، احتجّ بيبي "لغاية في نفس يعقوب"، وطالبه بأن يكفّ عن السماح لمقرّ حماس في إسطنبول بالعمل دون قيد أو شرط ضدّ إسرائيل! فركع أردوغان أمامه، ورضخ لشروطه، ونفّذ أوامره على أكمل وجه، وجلس على مقعد منخفض أمامه؛ وعبّر عن موافقته لتحويل الصراعات السياسيّة في المنطقة إلى صراعات دينيّة وطائفيّة؛ وليكن حلّها بالتديّن الزائف، وبالصلوات والدعوات و... والكراهية والإقصاء والنفي و... والإبقاء على الوضع القائم لينعم بيبي بالفوز بالانتخابات!
لذلك نحن نرى كيف أنّ تركيا انبرت وأعدّت بالتعاون والتنسيق مع "عدّي رجالك عدّي" خطّة لحماس تهدف للسيطرة على الضفّة الغربيّة والقدس و... وربّما على سيناء أيضا. وكانت أولى خطواتها؛ أن سمحت لسفينة "مرمرة" التركيّة، أن تتّجه إلى قطاع غزّة في سنة 2010، محمّلة بشعار كسر الحصار عليه؛ لاستدرار عطف الفلسطينيّين، ولكسب رأيه العامّ في الضفّة الغربية والقدس علاوة على القطاع، تمهيدا لسيطرة حماس على كافّة المناطق الفلسطينيّة المحتلّة عام 1967، وإعلان استحالة حلّ الصراع السياسيّ والقوميّ مع إسرائيل على أساس القرارات الدوليّة؛ لأنّ الصراع هو بالأساس دينيّ وطائفيّ، وعلى الفلسطينيّين أن يعملوا على حلّ صراعاتهم الدينيّة الداخليّة والذاتيّة؛ بين الأغلبيّة المسلمة والأقليّة المسيحيّة، والطائفيّة بين الشيعة والسنّة!
وهكذا يكون الفلسطينيّ قد تخلّص من هاجس العدوان الإسرائيليّ، ويكون قد أوجد لنفسه عدوًّا ضعيفا يستطيع التغلّب عليه؛ فيشعر بنشوة انتصاراته، ويعيد للنفوس ذكرى الفتوحات الإسلاميّة، ويكبت الشعور والتفكير بالمستوى المعيشيّ المزري... ويصبح من العيب عليه كمجاهد ومؤمن أن يشتم ككعب بن زهير، وأن يتذمّر من قلّة الموادّ الاستهلاكيّة، ومن ارتفاع أسعارها، و... ومن إزالة الركام وأنقاض المباني التي دمّرها القصف الإسرائيليّ!
فليهنأ الثالوث الدنس، ما زال النموّ السكانيّ في القطاع أكبر من النموّ الاقتصاديّ، وما زالت نسبة البطالة أعلى من نسبة العمل، وأمسينا لا نسمع جعجعة تركيّة ولا نرى طحنًا فلسطينيُّأ