تأليف:شريف صعب-أبوسنان
ما أعطرها وما أطيبها من مناسبةٍ احتفلت بها الطّائفةُ الدّرزيّةُ بذكرى زيارةِ مقام سيّدنا النّبي شُعيب عليه السّلام، هذه الزّيارةُ الّتي رشّت على قلوبنا ماءَ الكوثر وعبق السّوسن وسبائكَ العنبر.ففي موجةِ الأعياد المسيحيّةِ واليهووديّةِ وذكرى الإسراء والمعراج للرّسول الكريم جاءَت هذه المُناسبةُ المباركةُ لتُتَمّمَ الأفراح جميعًا ولتُكلّلَ النّشوةَ، في ظلّ حياةٍ آمِنة مطمَئنّة في دولةِ"إسرائيلَ" الّتي أثبتت محافظتَها على احترام جميعَ الأديان وطقوسها وأعرافها الدّينيّة.
لقد نالت طائفتُنا في هذه البلاد ما لم تنلهُ على مدى مئاتِ السنين الآنفة،وهي،بتطوّرِها تُضاهي باقي فئاتِ المجتمعاتِ الأخرى،فمن يدخُلُ إلى المقاماتِ الشّريفةِ يندهشُ ممّا وصلت إليهِ من تطويرٍ ونظافةٍ وبهاءٍ ومن الفنّ المعماريِّ البديع ومن السّاحات والرّدهاتِ الّتي تجعلُ المرءَ يتباهى ...ويطيرُ فرّحًا!فمن لا يعرفُ كيف كانت الأوضاعُ قبلَ ثلاثين عامًا وأكثرفي تلكَ الأمكنةِ،لا يفهم معاني ما أكتبهُ الآنَ.
لا شكَّ أن الوفرةَ الّتي نعيشها هي من نتاجِ الإزدهار الّذي تمرُّ به بلادُنا في هذهِ الدّولةِ العبريّةِ، أمّا المقامات وتطويرها،فالفضلُ يعودُ بها إلى الإدارة السّليمةِ والنّوايا الحسنةِ الّتي يتحلّى بها المجلسُ الدّينيّ وعلى رأسه فضيلةُ الشّيخ أبو حسن موفّق طريف،الرّئيس الرّوحيُّ للطائفة الدّرزيّةِ في إسرائيل.
لم تبخل دولةُ إسرائيلُ أبدًا برفعِ مكانة الطّائفة معنويًّا وحضاريًّا،وذلكَ بارزٌ كبروزِ الشّمسِ،كوننا بذلنا الغالي والنّفيس من أجلِ الدّولةِ،وحسبُنا أن نُذكّرَ بوحدةِ المصير والطّريق...وبخدمةِ أبنائها في سبيلِ أمن البلادِ وأمانها!
لذالك فمهما تقدّمُ الدّولةُ للطّائفةِ فهي لم ولن تُفيها حقوقها المشروعةَ! فلو أرادَ القيّمون على السّياسة،في إسرائيلَ،لجعلوا من هذه الطّائفةِ مَثَلًا يُحتذى عند باقي أبناء الأقليات في الدّاخلِ ...وعند أبناء الشّعوبِ في الدّولِ المُحيطةِ...وفي كلّ مكان.
بدلَ ذلك فهي ما زالت تُهمّشُنا وتضعنا جانبًا،أُسوةً بباقي أبناء الأقليّات في البِلاد،معتقدةً أنْ لا حدودَ...للصّبرِ!!
حسَبَ رأيي فإنّهُ لم يكن من الضّرورةِ بمكان"سردَ"كلّ أنماطِ معاناتنا والإجحافِ بحقّنا أمام سيادةِ ضيفِ شرف الإحتفال،رئيس دولةِ إسرائيل السّيّد"ريفلين"والّتي يعلمُها...عن ظهرِ قلب،فلقد سمعَ هذا الخطّابِ مرارًا عديدةً في الماضي...وهو الرّئيسُ الّذي كان برلمانيًّا"ليكوديًّا" مُتطرّفًا بكلّ ما يتعلّقُ بحقوق الأقليّات ...فالإمتحان ليس بالأقوال و"بملسِ الجَوخِ"،وإنّما بالأفعال...كما يقولُ الشّاعرُ:
كلُّ من يدّعي بما ليسَ فيهِ كذّبتهُ شواهدُ الإمتحانِ
كان أولى أن ترتفعَ الأصواتُ والطّلباتُ، عاليةً مُدوّيَةً في الأروقةِ المُلائمَةِ!
إنّ حُسنِ الضّيافةِ الّتي تميّزَ بها الإحتفالُ في هذا العام لهو شاهدٌ على احترام الضّيف وإعطائه الكرامةُ الّتي تليقُ به...وذلك من شِيَمِ بني معروف،فتوافُدُ الضّيوفِ الكرامِ من جميع أنحاء البلاد وعلى اختلاف دياناتهم ومشاربهم لهو شرفٌ عظيمٌ للطّائفة يُثلِجُ القلوبَ والصُّدورَ،خصوصًا مُمثّل دولةِ"فلسطين"،الدّكتور أحمد مجدلاني.
لقد كان الإحتفالُ عظيمًا توّجتهُ الآلافُ المؤلّفةُ الّتي وفدت إلى المقام الشّريف، فقيمة هذه الطّائفة الكريمة...كما كانت على مدى العُصور والأحقاب محفوظةٌ برعايةِ الّله،إبتداءً بعهد "موسى"ونبيِّ الّله"شُعيب"،عليهما السّلامُ، وحتّى عهد الرّسولِ صلعم،ووصولًا إلى العهدِ الحديث!
شُكرًا عظيمًا لكلّ من شارك في هذه الذّكرى العطرة ومن لم يحالفهُ الحظُّ فليتهيَّإَ للمرة القادمةِ،وأمّا أنا فلا يسعُني إلّا أن أقول....مادحًا،مع استماحةِ عذركم،مُسبقًا:
فيا لها من طائفهْ تضرِب مثلَ العاصفهْ
تاريخُها مُبجّلٌ نخوةُ قومٍ جارفهْ
والخيرُ في ربوعها والعقلُ فوقَ العاطفهْ
مواقِفٌ وهَيبةٌ نتْحُ حكايا سالفهْ
شُعيبُ حامي صَرحَها لتفتديهِ حالفهْ
سُلطانُ تاجُ عزِّها سرَّ الوجودِ عارفهْ
سبّاقةٌ إلى العُلا نفوسُ شعبٍ نائِفهْ
تُعطي الدّخيلَ حُبّها من جودِ بحرٍ غارفهْ
تُظِلُّ من يقصُدُها مثلَ ظِلالٍ وارِفهْ
لا غُبنَ في تُراثِها فلا تِمارًا حاشِفهْ
عروبةٌ أصيلةٌ وجهَ العدُوِّ كاسفهْ
تُحبُّ من يُحبُّها لِفعلِ خيرٍ هادفهْ
... لكنْ إذا قارعتها نيرانَ_صَليٍ قاذفهْ
يا ويلَهُ عدُوُّها تحتَ الدّمارِ خاسفهْ
وإنْ دنَوتَ حقَّها ك"الدينَاميتِ" ناسفهْ
طائفةٌ كريمةٌ أصيلةٌ،لا زائفهْ
.....فيا لها من طائفهْ تهُبُّ مثلَ العاصفهْ!!