شَعَاعُ دَرْبِنَا
***
يبحرُ قارِِبُ الوقتِ في بحرِِ الزمانِِ؛ ليُعلنَ لنا أنَّ لحظاتِ الفِراقِِ في اقترابٍ، تدقُ ساعاتُ الفِراقِِ لتنبهَنا بأنَّ كلَّ فردٍ مِنّا سيختارُ دربَه عَمّا قريبٍ، دربًا يضيئُ مستقبلَه القريبَ. ويبدأُ سِربُنا في التفرّقِِ، بعدَ أنْ كُنّا عائلةً واحدةً. وتصبحُ حياتُنا شريطًا منَ الذكرياتِ، ويصبحُ الماضي صفحةً، والحاضرُ قدْ طواه، والفِراقُ ألَمًا واللقاءُ دواءً.
فقد أخذْنا من وقتِ معلمِينا الْأعوامَ، فأنتم أسطورةٌ، نرويها لِلِافْتخارِِ، نبعُ علمٍ، قدْ سقانا بالمعلوماتِ. أيقظتُمْ بألسنتِكمْ الطالبَ الشاردَ وغيرَ المبالي. لقدْ رأينا في مدرستِنا هذهِ الأملَ والِابْتسامةَ والتَفاؤلَ. فنحن جعلْنا رايةَ العلمِ والمحبةِ شعارًا فوقَ مدرستِنا. رأينا أجملَ سماءٍ، وكلُّ معلمينا ملوكٌ حكماءُ. لقدْ حصلْنا على علاماتِنا بجَهدٍ وعناءٍ. عمِلنا من أجلِها بضميرٍٍ وحبٍ، وبكلِ وفاءٍ، فنحن لا ننسى الْفضلَ طَوالَ حياتِنا. فالشكرُ قليلٌ عليكم، يا أوفياءُ،
واليومَ نحن نرتدي أجملَ الألوانِِ التي ترمِزُ إلى النَّقاوةِ، السعادةِ، التفاؤلِ، الأناقةِ، الفرحِِ والحزنِِ! فنحن لا نعرفُ، إنْ كانَ هذا اليومُ أجملَ الأيامِ، أمْ أسوأَها؟ فِراقُنا لبعضِنا، والوميضُ الآتي من مستقبلِنا،
فبعدَ الفِراقِ سيصبحُ كلُّ شيءٍ بطيئًا. ستصبحُ الدّقائقُ والسّاعاتُ حارقةً، وسأصبحُ مكتويةً في ثوانيها.
فالفِراقُ حزنٌ كلهيبِ الشّمسِ، يبخِّرُ الذّكرياتِ من القلبِ، لِيَسْمُوَ بها إلى عليائِها، فتُجيبُه العيونُ بنثْرٍِ مائِها؛ لتطفئَ غليلَ الذّكرياتِ.
ومع ذلكَ، أتمنّى للجميعِِ مستقبلًا منيرًا، تضيئُه شموعُ النّجاحِِ، ويرافقُه السعادةُ والخيرُ في مسالكِ حياتِه، وتبقى لَحَظاتُ الفِراقِِ والوَداعِِ في اقترابٍ. وفي مِسْكِ الخِتامِ، أودُّ الْقولَ: لا تنسَوْا رفاقَكُم، مهما طالَ الزمانُ، فهم مَن عاشوا معَكم أفضلَ اللحظاتِ وأسوأَها، ولا تنسَوْا بيتَكم الثاني شَعاعَ دربِكم أبدًا!