عندما يترفع المرء عن الصَّغائر بقلم د. نجيب صعب ابو سنان
المجتمع ألإنساني يزخر بأشكال وأنواع وأصناف من بني ألبشر، ومن كل الاطياف والطوائف، والله سبحانه وتعالى خصَّ كل إمرء بما يستحق من القدرات العقلية، النفسية، الاخلاقية والمادية.
والذي يقف مع نفسه هنيهةً يرى بأم عينيه ويحس بمشاعره كيف يستغل بنو البشر تلك النعمة من عند رب العالمين، كيف يسخّرها لمصالحه الشخصية، وكيف يسخّرها في بعض الاحيان لمساعدة الغير أو للاصلاح في المجتمع بأمور شتى قد يحتاج اليها الناس في حياتهم اليومية، أما للتخفيف عنهم واما لمساعدتهم ومساندتهم في محنتهم أو دعمهم في القضاء عليها اذا وجدوا لذلك سبيلاً.
والمرء الذي يتحلى بالعقل السليم والجسم السليم وخاصة اذا كان ورعاً تقياً رجل دين ومن كل الديانات، وعلى عاتقه مسؤولية ما في المجتمع يعمل بالمعروف وينهي عن المنكر، ويقوم في بعض الاحيان بإصلاح ذات البين واستغلال مكانته من أجل الصالح العام والحياة الافضل، على عاتق هذا المرء ملقاة مسؤولية محاسبة النفس والتصرف بعقلانية وبموضوعية، هذا الامر لا شك أنه يَطلب منه الترفع عن صغائر الامور وينظر بشكل موضوعي لكل عمل يقوم به، وعليه أيضاً في نظري أن يبتعد كل البعد عن المقاصد الشخصية لأن ترفعه هذا يضعه وبدون شك في مكانة مرموقة بين أقرانه من رجال دين وغير رجال دين، وكذلك يرفع من مكانته الاجتماعية، حيث أنه بعيداً عن الانانية ويتّبع القول (يدُ الله مع الجماعة)، ليس عن عجز فيه وإنما عن انسانية وموضوعية، ضارباً عرض الحائط المآرب الشخصية حبّاً في المصلحة العامة وتقدمها من أجل المجموع.
والامر الأنف ذكرهُ في هذا السياق، ينطبق أيضاً على القياديين ألأجتماعيين والسّياسيين، فالذي يتبوأ مركزاً إجتماعياً أو مركزاً سياسياً مهما كانت منزلته عالية، ومهما ظفر في حياته، ومهما علت مكانته في استغلال امكانياته في خدمة الجمهور والمصلحة العامة وبشكل قاطع، ومهما تظاهر به من حبٍ في خدمة الناس، ومن تواضع من الناحية النظرية، ومهما علا شأنه فإن لم تكن حقيقته التّرفع والتواضع وعدم النزول الى صغائر الامور، وكذلك إن لم يكن مسلكه الظاهر أو الخفي صحيحاً ومستقيما ًوبشكل مُستقر صحيح نقي، بدون ريب لا خير فيه ولا خير في الفاظه إن لم تترجم هذه الالفاظ على أرض الواقع وعلى رؤوس الاشهاد ، وذلك باتخاذ خطوات بناءه ايجابية، موضوعيّة ومسؤولة لدعم الافراد والمجتمع والترفع على الصّغائر وعن الشوائب او الرواسب التي خلّفها الماضي في خضم الحياة الزّاخرة يومياً وتقريباً بكل شيء.
والامثلة كثيرة ولا حصر لها في هذه العجالة، فالناظر الى شرائح المجتمع يرقب ويلاحظ دون عناء ان الكثيرين في مظهرهم يعتبرون من خيرة القوم، الا أن ألأمر في الجوهر المكنوز الذي يحتوي على صفات وسمات طيبة لنفس صاحبها ولذويه ولعشيرته الانسانية.
فعلى المرء اياً كان ومهما كانت منزلته ومكانته ومقدار ايمانه وورعه ومن أية طائفة كان، ومهما جمّع من شهادات إجتماعية أو ثقافية وعلمية وإنجازات على الساحة الحياتية، ان لم يتوّج كل ما ذكر بألأخلاق السّامية، بالتغاضي عن الصغائر والترفع والتسامح ونزع الضغائن من القلوب، وقول الصراحة والحقيقة عندما يطلب لها، فلا يمكن له ان يحظى بإحترام وتقدير الغير حتى من أقرب المقربين عليه، ولا يمكن أن يسود بغطرسته وبانانيته مطلقاً حتى في أسرته القريبة جداً منه، فكم بالحري في مجتمعه ؟؟ !!! .
وخلاصة القول أنه عندما يترفع المرء عن الصغائر في دروب الحياة المتنوعة والمتعددة تصلح الاحوال، أحواله الشخصية، أحوال ذويه ، أحوال أسرته وأحوال إخوانه وزملائه، ومن ثم أحوال عشيرته وربما أحوال الجميع إن صحّ هذا التّعبير