احتفال بالسنوكر
جدعون ليفي
2017/8/6 ترجمة: أمين خير الدين
منذ زمن طويل لم نرَ بهجة كهذه: بنيامين نتنياهو مرشّح للسقوط. يسار الوسط النزيه السليم مبتهج، الشمبانيا في رامات هشارون تُبَقْبِق. احتفال في السنوكر، كتب أحدهم: "بصحّتنا"، وكتب آخر: "سقط الطاغية"، وثمّة مَنْ دعا لوجبَة مشاوٍي على النار. ولاحَ للحظة إعدام إلينا ونيقولاي شاوشيسكو ؛ أو إعدام مُعمّر القذّافي؛ أو القبض على صدّام حسين؛ أو انهيار جدار برلين؛ أو إطلاق سراح نلسون منديلا؛ أو انهيار الاتحاد السوفييتي، أو خروج إسرائيل من الظلام إلى النور، من العبوديّة إلى الحرية، وربما إلى السجن، وبدا أن إسرائيل ستتحرر.
يمكن تَفَهّم الفرحة بانتهاء نتنياهو وأبناء عائلته، إنّهم يستحقّون ذلك، وأيضا الفرحة بانتهاء ولايته مفهومة أيضا. يمكن أن نعذر المسرورين الذين عايشوا الخراب. ولكن من السهل إلقاء كل المسئوليّة على نتنياهو. ومن السهل الاعتقاد أنّه هو وليس نحن. وكل ذلك بسبب الحاكم وليس بسبب ناخبيه، مُعْظم الشعب. وأن نتنياهو كان طاغية وسقوطه بُشْرى خير. كم هو مُغْرٍ أن نعتقد أنّه بتغييره ستتغيّر إسرائيل، كما نحلم.وأنه سيطلع علينا بعد ذهاب نتنياهو فجر جديد، وأن كلّ السيّئات ستختفي كأنّها لم تكن.
إنّه لمن الخطأ الاعتقاد أنّ مَنْ سيأتي بدلا من نتنياهو سيكون أفضل منه. وأنّ رئيس الحكومة القادم سيكون مَبْعث أمل. أو بانتهائه تنتهي سيطرة اليمين العنصري والديني، وأن الذي سيأتي، حتى لو كان من اليمين، سيكون أفضل. أو أنه هناك عند الخطوط ينتظر بتلهف مرشّحون ممتازون ومُطَمْئِنون. أسوأ من نتنياهو لا يمكن أن يكون. فقط بعد أن نتخلّص من الملك نتنياهو ومن عائلته القيصريّة ستتحوّل إسرائيل إلى المكان الأكثر عدالة. و بدونه لن تكون إسرائيل قوميّة وعُنْصريّة ولن تكون محتلّة أو فاسدة، متعجرِفة وعنيفة. من غير المُفضّل تعكير بَهْجَة الإنهاء هذه، وتعكير الفرحة، لن يكون الكثير كهذه البهجة، تعطيل – لكن هذا الانجراف نابع من الواقع.
نتنياهو مسئول عن جزء كبير ممّا آلت إلية إسرائيل، خاصّة ما في داخلها. سنوات حكمه كانت سنوات صعبة للعدالة. للمساواة، للحريّة، للسلام، للديمقراطيّة، للأقليات وللضعفاء. كانت سنوات ذهبيّة للعجرفة للبطش، للظلم، للعنصريّة للعنف والاستيطان. ومع كل ما كان به من قوّة، لا يتحمّل كامل المسئوليّة.كان حوله ائتلاف واسع ومعارضة رخْوة وشعب مساند له. كان ذو شعبيّة متكاملة، نتنياهو لم يصُغْ مزاج هذا الشعب- هو انعكاَسَ له، لم يبتكر إسرائيل الحاليّة، الشعب هو الذي أوجدها.
الفرحة سابقة لأوانها ومبالغ فيها ليس لأن نتنياهو لن يغادر، إنّما لأنّ ذهابه لا يبشّر بالكثير، في كافّة الحالات، هو الخطوة الأولى على طريق طويل، لآ يظهر أخره حاليا. خطوة ضروريّة، لكنها غير كافية. مغادرة نتنياهو ليست مصيريّة. ليس فقط نتنياهو هو الطِراز الضحل للشامتين والراغبين بالانتقام، ويمكن فهم دوافعهم، دون الموافقة على استنتاجاتهم. أبدا لم يكن نتنياهو شيطانا كما وُصِف، وذهابه لن يخلّصنا من شيء، سوى من زوجته وابنه.
سيذهب نتنياهو، وسيحلّ محله جدعون ساعر أو يئير لبيد، الأول أكثر تطرّفا منه والثاني أجْوَف أكثر منه – وكلاهما أسوأ منه. سيذهب نتنياهو، وسيبقى نفتالي بينيت وأييلت شكيد وأبيغدور ليبرمان. سيذهب نتنياهو وستبقى كراهية العرب،، سيذهب نتنياهو وسيبقى الشعور بأننا شعب الله المختار. والأكثر تأكيدا: سيذهب نتنياهو وسيبقى الاحتلال، وحتى لو حدث ما لا يًصَدّق، وانتُخِب آبي غبّايإ، فإنّ إحداث التغيير لا تكفيه شهوة الانتقام أو الشماتة. وأيضا استبدال القمّة لا يكفي. ليحدث تغيير يجب أن يمرّ المجتمع الإسرائيلي بعملية صعبة، لا تلوح لها علامات في الأفُق. فقط ثورة فكريّة وانقلاب في تغيير مفهوم الواقع قد يُحْدِث تغييرا. مثل هذه الثورة لا يوجد مَن يُفجِّرها مع نتنياهو أو بدونه.
ينتظرنا يوم عظيم: نتنياهو مُرشّح للذهاب. وقليلون من الإسرائيليين سيبكونه، لكن ليت القليل المُبْتَهِج من الإسرائيليين لا يبالغ في الفرحة. نتنياهو سيذهب وستبقى إسرائيل، كما كانت.
2017/8/6