ابو نواف احمد كعبيه ووفاء رجل
02/10/2017 - 07:25:11 am

زايد خنيفس

لا تستطيع دائمًا ان تُحضِر الكلمات من منفاها لتعبر عن ما يدور في خلجات نفسك ومشاعرك وذاتك الخاصة لأن الخطيئة التي قد ارتكبها هي الا تعود الى صفحات من الماضي القريب ولان الارض وترابها الاحمر لا ينفي البذور بأتلامها وقبل اسبوعين فقدنا صديقا قديما لم يُجِد حتى كتابة وصية لأنه وان كان يؤمن بربه وخالقه ونبيّه لم يصدق حتى في غيابه بأنه سيغيب بهذه السرعة ويحمل نعشه ويتحول في ثوانٍ ودقائق الى ذكرى ودمعة لا تجف على الخدود الباكية. الصديق المرحوم ابو نواف احمد كعبية شفاعمري الملامح والوجه ومن حيٍ سمي على اسم عمه عصمان وفاءً لرجال اتوا من هناك ومن سفوح بحثت عن لقمة العيش واتخذت من خيمة سوداء محطة للمسافرين نحو الشمال وكل الاتجاهات في وضوح الليل والنهار والراحل ابي نواف هي كلمة وفاء يحاول ان نقولها ونسطرها بين شموع الحقيقة والواقع فقدانك خسارة لمن رسم في عقله ومشاعره وتربيته اصول الضيافة والبيت المفتوح وساقه ضميره ووجدانه نحو ابناء العشيرة في الاحياء المختلفة يحاول مع رفاقه في كوادر صوت الاحياء زرع الشمس في عيون من غابت عنهم انوار الشمس وسط تقصير سلطة محلية على مدار سنوات من الاهمال وكأن هؤلاء الجالسين في سفوح حي عثمان من كوكب اخر لا تربطهم في الارض رابطة وغرباء فوق ارضهم الطيبة بملك الاباء والاجداد.

الراحل ابو نواف احمد كعبيه اخذتنا صداقتنا الى سفح (تل الهوا) ولصديق القديم يونس كعبية يجلس هنا وعيناه نحو الغرب هناك في الاتجاه كان يعود قرص الشمس الى مخبئه الاخير ليرتاح من دورة صعبة وكنا نجلس حتى ساعات الليل المتأخرة لم نحصى فيها عدد النجوم بل تحدثنا عن مشاكل بلدنا وحلمنا كيف تعود لها الجهات وبعد ان فقدتها في محاور الضياع ومن ساسة وسياسيين لا تربطهم علاقة بمحبة بلدهم والانتماء الى ابوابها فعرف الراحل واجباته الاجتماعية وشارك الناس في همهم وفرحهم وكان صادقًا مخلصًا مع اصدقائه بسيطًا في كل شيء لا يحمل على قرص الندى حقدًا ولا بغضاء لأحد وهمه كانت عائلته الصغيرة وسيدة البيت التي كانت تعرف واجب الضيف وواجب زوجها وتعرف انها كبيرة في بيتٍ مفتوح، لا يرفض ولا ينكر احد ساعة الموت لكن احيانًا يكشف الموت قدر ومقام الراحلين الى العالم الاخر واذا كانت الالاف التي حضرت موكب الجنازة وتقديم واجب العزاء وقبلها السؤال عن صحة المريض فإنها كشفت كم كان الراحل ساكنًا في قلوب هذه الوجوه فلم يكن ابا نواف رحمه الله غيمة تمر في الصيف ولم يكن نسمة تهب لمرة واحدة ولم يكن الراحل وجهًا عابرا بل كان حديقة زرعت في حوضها كل الوان الزهر وعبق الزهر لا يضيع ابدًا، وقد يولد الزهر في مسكب الحديقة كل حين لكن هناك بشر يبقون في مسكب الحياة سيرة الخير والمحبة والتسامح ويبقون خلود الكلمات ونهوضها في كل حين واخيرًا وليس اخرًا يجرحني رحيلك يا ابا نواف لكنك ستبقى حيًا في القلوب المخلصة ممن اخلصت لهم لان البحر لا يخذل السمك ولا يغدر ربان السفينة والسفح في باب الهوا لا يخذل صوتك وعيونك الجاثمة مقابل بحرٍ غربي فهناك توزعت ابتسامتك وهناك سيبقى وجهك كقوس قزح في قلوب اخلصت لها فأخلصت اليك.  

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع المدار بفسح المجال أمام الكاتب لطرح افكاره االتي كتبت بقلمه ويقدم للجميع مساحة حرة للتعبير
الاسم الكامل :
مكان الاقامة :
التعليق :
هام جدا : أدارة الموقع لا تنشر اي تعقيب فيه تجاوز لقانون القذف والتشهير, وتقع المسؤلية على كاتب التعقيب
Copyright © almadar.co.il 2010-2024 | All Rights Reserved © جميع الحقوق محفوظة لموقع المدار الاول في الشمال
سيجما سبيس بناء مواقع انترنت
X أغلق
X أغلق