شجرة ألخير – بقلم الدكتور محمد حسن الشغري – كفرياسيف
كل عام وانتم بالف خير،جرت العادة أن سكان الجليل الغربي في بلادنا يبدأون بعملية قطف الزيتون في شهر تشرين ألاول من كل عام سواء كان الموسم جيدا أم متوسطا أم قليلا وهنالك عدة أسباب منها كثرة أعياد اليهود(على الرغم من تقَلب وقوعها) وهنالك إمكانيات لاستغلال العطل سواء كان هؤلاء من الموظفين أم من غيرهم وكذلك قبل المباشرة بالتعليم الجامعي بهدف استغلال هؤلاء الطلبة الذين يريدون مساعدة ألاهل في جمع ثمار هذه الشجرة المباركة،كذلك نذَكر انه أفي الماضي كان الناس يباشرون في جمع ما تساقط من حب الزيتون والذي نسميَ هذه المرحلة مرحلة"ألجول" ألاولى ومرحلة "ألجول" ألثانية وهذا كان يحفظ جانبا ويدرس ويعصر لوحده لانه عندما نقوم بعملية درس-عصر-هرس الزيتون يحصل صاحبه على زيت نقي طيَب المذاق وجيَد الطعم،كما انهم كانوا يستخدمون هذا الزيت لعمل الصابون والذي كنَا نغسل به الايدي والاجسام ولغسيل الملابس والاغراض ألاخرى،واليوم يا حسرة استبدل بالشامبو والذي لا نعلم ما هي المواد الكيماوية وغيرها التي تدخل في تركيبة هذا المسحوق،وهنالك إشارات ومتابعة للماضي بمباشرة جمع الزيتون حتى بعد أول شتوة والتي تسمَى بشتوة المساطيح وعادة تكون هذه الشتوة مباشرة بعد عيد الصليب،بعدها تبدأ عملية جمع حبات الزيتون اليابسة- للقحاقيق- وعلى الغالب أنه في الماضي من الفقر كان كل من لا يستطيع شراء الزيت من أصحابه في الموسم،فانه كان يشتري بعضه من الهرس- العصر ألاول والبعض ألآخر من الزيت تصنيف أقل جودة لان الناس كانوا فقراء الا ما ندر.من المعلوم أن عمر هذه الشجرة المباركة شجرة الزيتون أكثر من 6000سنة عرفها الفينيقيون ومن العصر البرونزي أيضا وشمال افريقيا وفي بلادنا في فلسطين كانت الأراضي المزروعة بهذه الشجرة المباركة نحو2 مليون دونم وبعد النكبة وصل الى نحو475ألف دونم بعد حرب حزيران 1967 وصل العدد الى نحو 200 ألف دونم بسبب اقتلاع آلاف ألدونمات المغروسة في ألاراضي الفلسطينية المحتلة والمصادرات التي كانت من نصيب الفلسطينيين هناك أو عندنا الى أن تقلًصت هذه المساحات بشتى ألاسباب والتفسير،وعملية اقتلاع أشجار الزيتون تسمى عملية مجزرة الزيتون لهذه الشجرة المباركة والتي ورد ذكرها في الديانات السماوية"والتين والزيتون وطور سنين"ويستعمل زيت الزيتون في الديانات وهو دواء لكل داء كما يقولون،وألشجرة المباركة هذه تعمَر لنحو ألف و500سنة والزيتون الرومي ألمعَمر ما زال منه في بلادنا وهنالك حديقة كنيسة في القدس حتسيماني فيها أشجار زيتون معَمرة وسيقانها غليظة جدا وبمساحة كبيرة،وهنالك العديد من ألاشجار الرومية في قريتنا كفرياسيف ومنها شجرة اقتلعها المجلس على أمل زراعتها من جديد لتعيش،لكنها للأسف الشديد يبست وأنا متأكد من وجود غيرها في أراضي بلدتي ويجب الحفاظ عليهم لان الزيتون شجرة غالية على قلوبنا ونحن كمجتمع عربي فلسطيني منغرسون في هذه البلاد كشجرة الزيتون جذورها ممتدة وهي باقية وكذا نحن عرب هذه البلاد وللاىسف ألشديد هنالك عدد لا بأس به يبتعدون عن العمل في كروم الزيتون منه الكسل ومنه"الحضارة" وأن شراء الشئ افضل من تربيته،لكن هنالك أسباب أخرى منها عدم اهتمام الحكومة بالمزارع والفلاح خاصة ان كان عربيا،فالمزارع اليهودي يحظى بالمساعدات واستعمال المياه العادمة لسقي هذه الشجرة والعناية بها وحمايتها من ذبابة ألبحر ألابيض ألمتوسط والتي في سنوات الخمسين تَم رشها ولأول مرة واختم يا خوري كما يقول المثل،لماذا؟ لا توجد أجوبة عند أي منَا ولماذا وزارة الزراعة لا تقوم بواجبها مثلما هو في بعض الدول كاليونان وتركيا وقبرص واسبانيا والجزائر وغيرهم من الدول حيث الفلاح المزارع وصاحب كرم الزيتون يحصل ويتلقى الخدمات الضرورية والمساعدات والهبات المختلفة من الدولة- الحكومة ويعيش بكرامة واحترام مثله مثل باقي المواطنين أما نحن فبعيدون كل البعد عن هذه الترتيبات ومن حقنا الحصول على المياه بأسعار مخفَضة ومن المياه العادمة لسقي وري هذه الشجرة،ففي حينه سعر كوب المياه لا يتعدَى شيكل ونصف واليوم أربعة شواكل!!!فكيف بامكانه تطوير هذا الفرع من الزراعة؟ ناهيك عن الضرائب التي تفرض!وفي حينه حتى الأرض التي كانت مغروسة باشجار الزيتون لم تسلم من ضريبة الأملاك الباهضة والمؤذية جدا والتي شلَحت الكثير من المواطنين المكلفين أراضيهم للتمكن من تسديد هذه الضريبة المؤلمة والتي تعتبر انها من القوانين الجائرة التي سنَتها الدولة واستهدفت المواطنين العرب بصورة خاصة وكانت2,5%من قيمة تخمين ثمن الأرض واضطر كثير منهم بيع ألارض لتسديد الضرائب وبقيت سارية المفعول حتى عام1999 وفقط من مطلع العام 2000 جمدَمفعوله بمساعدة أعضاء كنيست وأللجنة من أجل الدفاع عن متضرري هذه الضريبة وهيئات أخرى متعددة،والقانون مجمَد ولم يشطب من سجل القوانين لدولة إسرائيل،وهنالك فرق كبير بين تجميد سريان قانون والغاءه،لان ألاخير يعني شطبه من سجلات قوانين الدولة وهذا لم يحدث حتى ألآن وربما يحدث مستقبلا،وأقولها صراحة أنه لولا انه أصاب ومَس بالمكلفين اليهود،لربما لم يجمَد(جمعية نمر)لان اغتصاب ممتلكات سكان القرى الفلسطينية في عام النكبة لم ينزل بسكان عابري سبيل أو رحَل،وانما بمجتمع زراعي أصيل عميق الجذور كأي مجتمع آخر في حوض البحر ألابيض المتوسط،أو حتى في أي مكان آخر،والقرى التي هدمَت سواء كانت 431 أو كانت 612قرى مؤهولة السكان وأراضيها فيها هذه الشجرة المباركة واختفت.
حاول أصحاب الأراضي عند عملية عصر الزيتون انتقاء ألافضل منه بالطرق العصرية واشتروا المعاصر الحديثة من إيطاليا على أمل الاستفادة،لكن مع ألوقت لم يكن مردودا كافيا ومع الوقت حاول بعضهم التخلص من هذا العبئ لان المصاريف كثرت وكان من المفروض الحصول على القروض والهبات لمن يريد تطوير مصلحته،لكن عبثا لا حياة لمن تنادى،وربما هنالك من يعترض على هذا القول وعليه التنقل من قرية الى أخرى وللتذكير أنه في قرية كفرياسيف على سبيل المثال كان في القرية 13معصرة وان دلَ هذا على شيء فانما يدل على عدد الدونمات من الزيتون كما انها كانت المكان لعصر الزيتون في المنطقة،وليست هنالك إمكانية لشرح كيف تعاملوا معنا في ألاعوام49-50-1951 عندما كانوا يرسلون مراقبين لتشليحنا ما ننتج،البلاد بحاجة الى 6000طن وهذه الكمية غير متوفرة ويستوردون النقص من اليونان وتركيا وقسم من فلسطين أحيانا،وسعر تنكة الزيت من ألف-700-500 وهذا سعر باهظ لكن الايدي العاملة غالية ولا تجدها،وحبذا لو حظي كل من يمتلك كرم زيتون ويعتاش منه الى المساعدة والدعم وهذا مفقود،كما أن شجرة الزيتون موسم ومولا والتعويضات لا تسمن ولا تغني ولها قصة طويلة مبنية على الاستغلال كقصة استغلال المسلمين في موسم الحج والعمرة،لكننا نقول سنبقى في بلادنا وفي زيتوننا وليكف من يلقي بنفاياته في هذه الأراضي نقول لهم كفى ارحمونا وما في أطيب من الزيت والزيتون كل زيت وناطح الحيط فهنيئا لكل من سيقطف ويعمل ويساعد وكل موسم والجميع بالف خير.