تأشيرة التعذيب
عميره هس
"هآرتس"، 2017/10/18 ترجمة: أمين خير الدين
لماذا دولة إسرائيل مزعوجة هكذا من فلسطينيّة من رام الله، متزوّجة من مواطن من دولة أوروبيّة، أو من فلسطيني من بيت لحم أختار زوجة تحمل جواز سفر أمريكيٍ؟ لماذا يُزْعجها هذا الزواج "المُخْتَلط"، فتتدخل بأذرعها الطويلة غرف نومهم، لتسحب الزوج / الزوجة مع أنهم ليسوا من سكان الضفة الغربيّة – لتطردهم خارج البلاد؟.
نُشِر قبل خمسة أسابيع في جريدة "هآرتس" تقرير عن هذا التنكيل الذي تمارسه إسرائيل- رفض مُنظّم لعدم السماح لأزواج / زوجات غير فلسطينيين بالبقاء مع عائلاتهم في الضفّة الغربيّة. ضاع التقرير في المتاهة السوداء "هذا ليس من شأننا". لكن من حينه اتّصل أزواج ، وقالوا إن إسرائيل تجبرهم على أن يبقَوا منفصلين، والمقصود هنا سياسة عامّة وليست حالات انفرادية.
طُرق الفصل الإجباري عديدة ومتنوعة، أهمها تجميد متواصل لعملية "جمع شمل العائلات" وإسرائيل هي التي تقرر متى تبدأ عمليّة جمع شمل العائلات ومتى تتوقّف، وعدد العائلات وأيّها. يُعتبر جمع شمل العائلات مَنْح مواطنة في الضفة الغربية، وبطاقة هويّة من السلطة الفلسطينيّة، لذلك يُقيم الأزواج / الزوجات بيوتهم الخاصّة مع تأشيرات سياحية من إسرائيل تُمدّد أحيانا، إمّا بواسطة الإدارة المدنية أو بعد سَفْرَة قصيرة إلى خارج البلاد.
فجأة يكتشف الأزواج، أنّ طلب تمديد التأشيرة مرفوض، وأن التأشيرة الممنوحة لهم قصيرة جدّا، ويتعرض الزوج /الزوجة لتهديد إذا استمرا بالعمل داخل الضفة الغربيّة سيُطْرَدون، باعتبار أنهم خرقوا شروط التأشيرة؛ وقبل دخولهم إلى البلاد؛ عليهم ن يدفعوا مبلغا خياليا؛ من الصعب أن يتوفر لديهم؛ يدعون الزوجة لمحادثة تهديد في مكاتب الإدارة المدنيّة. "أنتِ دخلتِ البلاد عن طريق مطار بن غوريون"، هكذا تُعرِّف الكاتبة الجريمة البشعة التي ارتكبتها النساء. أو أنه بكل بساطة لا جواب لطلب تمديد التأشيرة، أو ليس هناك في مكتب منسّق الأعمال في الأراضي المحتلّة والإدارة المدنيّة مَنْ يرفع سماعة التلفون.
وقد حظي أزواج من أديان مغايرة في الضفة الغربيّة بمخاطر دنيئة كهذه قبل حوالي 11 سنة – بعد سنوات كان بها اتفاق غير خطّيٍّ. بأن تأشيرات السياحة لهؤلاء الأزواج تُمدّد دائما. تنظّم أزواج من أديان مغايرة وأثبتوا أن القضيّة ليست "قضيّة شخصيّة"؛ إنّما هي سياسة عامة إسرائيليّة مُطلقة. وقد أعربت عِدّة قنصليات عن تذمّرها. ونتيجة لذلك، تجدّدت عمليّة توحيد العائلات لمدّة قصيرة؛ ثمّ صيغت تعليمات في الإدارة المدنيّة تمكّن الأزواج من ديانات مغايرة من لأن يعيشوا في بيوتهم. ماذا طرأ فجأة؛ حتى عادت أجهزة السلطة الإسرائيليّة لتمارس صلاحيّات التنكيل بالأزواج من ديانات مُغايرة؟ الجواب لدى الإدارة المدنية؛ ولن تفيدنا به. فقط يُمكن التكهن: الضعف الفلسطيني، دونالد ترامب، صعود اليمين في أوروبا، الشعور بأننا قادرون، أو أنها طريقة إضافيّة لطرد الفلسطينيين، طالما أن الكلام عن أرض إسرائيل الكاملة، أو أن الديموغرافيا تُرْعِبنا عند ولادة كلّ طفل فلسطيني.
هنا يبرز أمران: الأول أن السلطة الفلسطينيّة تنازلت مُسْبقا عن وظيفتها وعن مسؤوليتها في تمثيل مواطنيها. "لا يمكنني عمل شيء" هذا ما يقوله الموظفون في وزارة الداخليّة في وزارة شئون المواطنين ( الوزارة التي تعمل مقابل الإدارة المدنيّة). لماذا لا تثير السلطة الفلسطينية هذا الموضوع في المحافل الدوليّة؟ كما تثير قضيّة الأقصى، والأمر الثاني: الطوائف التي ينتمي إليها الأزواج أو الزوجات غير الفلسطينيين؛ لقد اصطدم هؤلاء الأزواج حتى في قنصليّاتهم بأيد مُسْتسلمة، ممثلو الولايات المتّحدة الأمريكية العظمى، ألمانيا القويّة، فرنسا النبيلة أنتم تعلمون جيّدا أن نساءكم، غير اليهوديّات، المتزوجات مع إسرائيليين يهود، لا يلقون معاملة تعذيب كهذه، هل هذه التفرقة المؤلمة، هل البصقة الإسرائيلية بمساواة مواطنيكم هيّنة بنظركم؟.